محطات قانونية

الاستقالة في قانون العمل العماني

عامر بن منصور العزري، مدير دائرة الخدمات العمالية والقانونية

أولًا: تعريف الاستقالة.

في البداية تجدر الإشارة إلى أن قانون العمل الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 35/2003 وتعديلاته لم يعرّف الاستقالة، ولكنه أشار إليها ضمنيًّا في المادتين 24 و37 من خلال النص على جواز أن يخطر العاملُ صاحبَ العمل بإنهاء العقد خلال مدة لا تقل عن سبعة أيام بالنسبة لفترة الاختبار، وخلال مدة لا تقل عن ثلاثين يومًا بعد ذلك، ما لم يتفق الطرفان على مدة أطول. ونص عليها صراحةً في المادة 43 من قانون العمل بكونها إحدى الحالات التي ينتهي بها عقد العمل؛ لذلك نرى بأن المحكمة العليا عندما عرّفت الاستقالة في الطعن رقم 78/2007 قالت بأنه: “متى تم إنهاء عقد العمل من قبل العامل نكون أمام ما يسمى بالاستقالة”، ثم عرّفتها بأنها: “عمل إرادي يعبر العامل عن إرادته في ترك العمل بإنهاء عقد العمل بتقديم الاستقالة ودون اشتراط موافقة صاحب العمل”.

وعلى ذلك؛ يمكن تعريف الاستقالة بأنها: إنهاء عقد العمل بالإرادة المنفردة للعامل في الشكل الذي حدده القانون، ويشترط في الاستقالة أن تكون مكتوبة.

ثانيًا: آثار الاستقالة.

للاستقالة عدة آثار، يتعيّن على العامل أن ينتبه لها قبل اتخاذه هذا القرار، منها:

  •  انتهاء العلاقة التعاقدية أو العمالية بين الطرفين، وقد قضت المحكمة العليا في الطعن رقم 634/2017 بأن: “الاستقالة حق للعامل له أن يستعمله متى شاء، وينبني عليه انتهاء علاقة العمل بمجرد تقديم (الاستقالة) إلا إذا عدل عنها”، وما يتبع انتهاء العلاقة من انتهاء الالتزامات المتبادلة بين الطرفين، إلا ما لم ينتهِ الوفاء به من التزامات، كأن يكون للعامل حقوقًا لم يستلمها بعد، مثل: أجره، أو إجازاته السنوية، أو أي حقوق أخرى ما زالت في ذمة صاحب العمل.
  • عدم استحقاق العامل التعويض عن انتهاء الخدمة؛ لكون إنهاء العقد جاء بالإرادة المنفردة للعامل، بخلاف حالة الفصل التعسفي، أو الفصل غير القانوني الذي يستحق عنه العامل تعويضًا لا يقل عن أجره الشامل لثلاثة أشهر.
  • عدم استحقاق العامل منفعة نظام الأمان الوظيفي؛ باعتبار أن من شروط استحقاقها وفقًا للمادة 11 من نظام الأمان الوظيفي الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 82/2020 ألا يكون المؤمن عليه قد ترك العمل بمحض إرادته.

ثالثًا: الإكراه على الاستقالة.

كثيرًا ما تثور قضية إكراه العامل على الاستقالة؛ فمتى يتحقق ذلك؟ وما أثره على صحة الاستقالة؟

سبق أن عرفنا الاستقالة بأنها “إنهاء عقد العمل بالإرادة المنفردة للعامل في الشكل الذي حدده القانون”، ومن ثم يتعيّن أن تكون إرادة العامل إرادة سليمة، لم يعتريها أي عيب من العيوب من ذلك الإكراه، والإكراه “هو إجبار شخص بغير حق على ما لا يرضاه، ويكون بالتهديد بإتلاف نفس أو عضو أو بإيذاء جسيم أو بالتهديد بما يمس العرض أو الشرف أو بإتلاف المال”، كما “يجب لاعتبار الإكراه أن يكون المكره قادرًا على إيقاع ما هدد به، وأن يغلب على ظن المكره وقوع ما هدد به عاجلا أو آجلا إن لم يفعل ما أكره عليه”[1]؛ وتطبيقًا لذلك لا يعد إكراهًا محاولة إقناع صاحب العمل للعامل بأن يقدم استقالته من العمل؛ لأنه ليس في ذلك تهديد لسلامة النفس أو مساس بالعرض أو الشرف أو المال، إنما على العامل في هذه الحالة أن يتمسك بحقه في عدم تقديم الاستقالة، وفي حالة قيام صاحب العمل بممارسات غير قانونية تجاه العامل لدفعه للاستقالة، كحرمانه من الترقية أو الاقتطاع من أجره، أو غير ذلك من الممارسات أن يتوجه بشكوى عمالية إلى الجهة المختصة.

أما إذا ثبت الإكراه في حق العامل لتقديم استقالته فأثر ذلك هو البطلان؛ إذ يمكن للعامل أن يحتج بوقوع الإكراه عليه لتقديم الاستقالة، وعلى المحكمة في هذه الحالة أن تحكم ببطلانها بجميع الآثار المترتبة عليها، واعتبارها كأن لم تكن.

_______________________________________________________________________________________________

[1] المادتان (98) و(99) من قانون المعاملات المدنية والتجارية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 29/2013.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى