العمل الإضافي وضوابطه
أحمد بن راشد المعمري، باحث قانوني، الاتحاد العام لعمال سلطنة عُمان
العمل الإضافي كما أوضحه المشرع العماني في أحكام المادة الأولى من قانون العمل في البند رقم (11) بأنه العمل الذي ينفذ في الساعات التي تتجاوز ساعات العمل المقررة في هذا القانون.
كما أجاز المشرع العماني لصاحب العمل تشغيل العامل ساعات عمل إضافية بعد ساعات العمل الأصلية المقررة كحد أقصى وفقاً للقانون أو لائحة نظام العمل بالمنشأة إذا كانت اللائحة تحدد ساعات عمل أقل من ساعات العمل المنصوص عليها في القانون، وذلك وفقاً لضوابط معينة كما جاء في أحكام المادة رقم (70) من قانون العمل التي تنص في فقرتها الأولى على ” يجوز تشغيل العامل ساعات إضافية أكثر من ساعات العمل المنصوص عليها في المادة (68) إذا اقتضت مصلحة العمل ذلك على أن لا يزيد مجموع ساعات العمل الأصلية والإضافية على (12) ساعة في اليوم، وعلى صاحب العمل أن يمنح العامل أجراً إضافياً يوازي أجره الأساسي محسوباً وفقاً لساعات العمل الإضافية مضافاً إليه 25% على الأقل عن ساعات العمل النهارية و50% على الأقل عن ساعات العمل الليلية أو أن يمنحه إذناً بالتغيب عن العمل بدلاً من الساعات التي قام فيها بعمل إضافي شريطة أن يوافق العامل كتابةً على العمل الإضافي والمقابل”.
ويلاحظ مما ورد بيانه أعلاه بأن المشرع العماني أعطى الحق لصاحب العمل بتشغيل العاملين بالمنشأة لديه ساعات عمل إضافية تزيد على ساعات العمل الأصلية المنصوص عليها في المادة رقم (68) من ذات القانون، ولكنه في المقابل وضع أربعة ضوابط ملزمة لصاحب العمل في هذا الشأن، نورد بيانها كالآتي تباعاً:
يتمثل الضابط الأول منها في أن تقتضي مصلحة العمل تشغيل العامل ساعات عمل إضافية، وبغير ذلك فلا يحق لصاحب العمل تشغيل العامل بعد ساعات العمل الأصلي، حيث الأصل في ذلك أن العامل لا يلزم إلا بالحد الأقصى لساعات العمل المحددة قانوناً، وذلك مراعاة للحماية القانونية والطبيعة الخاصة للعامل التي أرادها المشرع من تحديد ساعات العمل والوقت الذي يقضيه للراحة البدنية والذهنية ولاستعادة النشاط والتركيز ليوم العمل التالي.
ويتمثل الضابط الثاني في الحد الأقصى لساعات العمل اليومية، بحيث لا يزيد مجموع ساعات العمل الأصلية والإضافية في اليوم الواحد عن اثنتي عشرة ساعة، لا شك أن هذه القيود جاءت لتضمن الحماية القانونية والطبيعة الخاصة للعامل، لا سيّما تمكين العامل اتجاه التزاماته الأخرى في الحياة وعدم عزله عن مجتمعه.
ويتمثل الضابط الثالث في التعويض عن ساعات العمل الإضافية، بحيث يلزم صاحب العمل بتعويض العمال الذين تم تشغيلهم ساعات عمل إضافية بما لا يقل عن الحد الأدنى من التعويض المذكور في الفقرة الأولى من المادة رقم (70) من قانون العمل، وفي حال تضمنت اللوائح الداخلية بالمنشأة تعويضاً يفوق الحد الأدنى المقرر قانوناً، فيلزم صاحب العمل بتعويض العمال الذين تم تشغيلهم ساعات عمل إضافية وفقاً للتعويض الأكثر فائدةً للعمال، وذلك عملاً بأحكام الفقرة الثالثة من المادة رقم (3) من ذات القانون التي تنص على ” …، ويستمر العمل بأية شروط أفضل تكون مقررة للعامل بموجب القوانين واللوائح والقرارات المعمول بها في تاريخ العمل بهذا القانون “.
حيث يمكن الاتفاق بين العامل وصاحب العمل على تعويض أكثر من التعويض المنصوص عليه قانوناً، فكما أشار بعض الفقهاء بأن الاتفاق على العمل الإضافي والمقابل بمثابة علاقة تعاقدية جديدة تستقل بإيجاب وقبول.
كذلك بشأن التعويض المتمثل في منح العامل يوماً بديلاً للراحة أو إذناً للتغيب عن العمل لساعات معينة بما يتناسب مع ساعات العمل الإضافية التي تم تشغيله فيها، وذلك بحسب الاتفاق بين العامل وصاحب العمل.
ويتمثل الضابط الرابع في موافقة العامل كتابةً على العمل الإضافي والمقابل، بحيث يبين صاحب العمل للعامل ماهية العمل المراد أداءه خلال ساعات العمل الإضافية والمقابل ” التعويض ” على ذلك وموافقة العامل عليه كتابةً.
واستئناساً بمبادئ المحكمة العليا، المبدأ رقم 184 الصادر في جلسة يوم الإثنين الموافق 28 ديسمبر 2015م، الطعن رقم 422/2015م فقد ذكرت المحكمة ” إن الأصل في ساعات العمل اليومية وأوقات الراحة هو تحديدها وأن العامل لا يعمل في غير أيام العمل وساعاته المقررة وأن المشرع أوجب منح العامل راحة أسبوعية مدفوعة الأجر والاتفاق على غير ذلك باطل غير أن المشرع أجاز لصاحب العمل تشغيل العامل وقتاً إضافياً في أيام العمل المعتادة أو في يوم الراحة الأسبوعية أو الإجازة الرسمية إذا اقتضت ظروف العمل ذلك وفقاً لما قرر بالمادة (65) من قانون العمل وإذا كان تشغيل العامل ساعات إضافية في أيام العمل العادية أو في أيام الراحة لا يتقرر إلا إذا اقتضته ظروف العمل فإن الأجر الإضافي المقابل في تكييفه القانوني الصحيح يقابل زيادة طارئة في ساعات العمل المقررة لمواجهة حاجة العمل وفق ظروفه وهو بهذه المثابة يعتبر من ملحقات الأجر غير الدائمة كما يعتبر أجراً متغيراً مرتبطاً بالظروف ولذلك فإن الأصل عدم دخوله في الأجر الأساسي لكن ذلك لا يمنع صاحب العمل من تحفيز العمال وجعل بدل العمل الإضافي علاوة ثابتة يدخلها في الأجر الأساسي لكن ولما اختلفت قيم ما قدم لإثبات هذا الدفاع عن القيمة الحقيقية المتفق عليها في العقد ونزلت قيمة الراتب الأساسي وكأن قيمة البدل عن العمل الإضافي صارت جزءاً من الراتب المتفق عليه كأساس للراتب الأساسي “.
وهنا نلاحظ ما أشارت إليه المحكمة العليا حول أهمية تحديد ساعات العمل وأوقات الراحة، لما له من أهمية وأبعاد متعددة تصب في مصلحة العمل والعامل على حد سواء، وأن الأصل عدم تشغيل العامل ساعات عمل إضافية بعد ساعات العمل الأصلية إلا لمقتضى مصلحة العمل، وبذلك يتجلى حرص المشرع العماني في حماية حقوق العامل، وكذلك مصلحة صاحب العمل في ضمان استمرار المنشأة وانتاجها.