قضية العدد

90% من العمانيين العاملين في مجال الإرشاد السياحي يعملون بعقود مؤقتة

رشيد بن سليمان العامري، رئيس قسم الإعلام، الاتحاد العام لعمال سلطنة عُمان 

مع توجه الإستراتيجية العُمانية للسياحة 2040 بالمساهمة في الجهود الحكومية الرامية لتعزيز التنويع الاقتصادي وذلك من خلال رفع مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي ليصبح بحلول عام 2040م وفقا لمنهجيات مختلفة من (6 – 10%)، واستقطاب أكبر عدد من السياح من خلال استهداف أكثر من 11 مليون سائح لذات الفترة، وما تتضمنه الإستراتيجية من زيادة عدد الوظائف المرتبطة بالسياحة بحلول عام 2040م إلى أكثر من 500 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة بما فيها وظائف في مجال الإرشاد السياحي.

ووفقا للإحصائيات الصادرة من وزارة السياحة التي تشير إلى أن عدد المرشدين السياحيين المرخصين حتى تاريخ 5 نوفمبر 2019 بلغ 471 مرشدا سياحيا، منهم 360 مرشدا عمانيا و111 مرشدا وافدا في كافة محافظات السلطنة.

ارتأت مجلة سواعد نقابية أن تقترب أكثر من هذا الجانب لتناقش موضوع الإرشاد السياحي في السلطنة، وتعمين الوظائف في هذه المهنة والتحديات التي تواجهه بما فيها تحدي إتقان اللغات المختلفة التي يتطلبها التعامل مع السياح بمختلف جنسياتهم، وعدم استمرارية القوى العاملة الوطنية التي تعمل بعقود مؤقتة والتي تصل نسبتها إلى 90% من القوى العاملة الوطنية في مهنة الإرشاد السياحي، ومحدودية التنسيق والتكامل بين الجهات ذات العلاقة حول الأسواق الجديدة المستهدفة ببرامج التسويق السياحي للسلطنة؛ وبالتالي تهيئة الكوادر من المرشدين العُمانيين لها. كما سيتطرق التحقيق إلى أهمية تخصصية العاملين في مهنة الإرشاد، ومدى إقبال المرأة للعمل فيه والتحديات التي تعترضها، ودور النقابات العمالية في هذا الجانب. علاوة على مستقبل العمل في الإرشاد السياحي مع التطور التقني والثورة المعلوماتية، لتختتم القضية الحديث حول تقدم السلطنة بـ 8 مراكز في مؤشر تنافسية السفر والسياحة لعام 2019م لتصبح في المرتبة الـ 58 عالميا من أصل 140 دولة مشاركة والعوامل التي ساهمت في تحقيق ذلك.

يوضح التصميم أدناه توزيع المرشدين السياحيين المرخصين خلال الأعوام (2016م، 2017م، 2018م، 2019م – العُمانيين، والأجانب)، حيث تشير البيانات إلى تضاعف أعداد العاملين في هذا المجال بشكل عام من (69) مرشداً في عام 2016م ليصبح العدد (471) مرشداً حتى تاريخ 5 نوفمبر 2019م، كما توضح البيانات – وفق نفس الفترة – أن أكثر من 76% من المرشدين السياحيين عُمانيون بواقع (360) مرشداً مقابل (111) مرشدا وافدا.

السنةالمرشدون العُمانيونالمرشدون الوافدونالإجمالي
2016442569
201711526141
201811539154
20198621107
الإجمالي360111471

توزيع المرشدين السياحيين المرخصين خلال الأعوام (2016، 2017، 2018، 2019)

مصدر الإحصائيات: وزارة السياحة

بدايات الإرشاد السياحي في السلطنة

المصدر: https://omantourism.gov.om

بدأ الإرشاد السياحي في السلطنة فعليا مع تأسيس وزارة السياحة عام 2004، أما الفترة التي سبقتها فأغلب المرشدين كانوا عبارة عن هواة وممارسين للإرشاد من باب مزاولة مهنة غير منظمة. ومع تأسيس وزارة السياحة قامت الوزارة بوضع القوانين والاشتراطات والمعايير المتعلقة بمهنة الإرشاد السياحي، حيث تم تخصيص لجنة معنية بإعداد تراخيص للإرشاد السياحي مكونة من أكاديميين ومختصين ومشرفين لها من وزارة السياحة، إضافة إلى أن هناك قسم في الوزارة يسمى (الإرشاد السياحي).

ويقول بدر بن سعيد الذهلي، أكاديمي بكلية عمان للسياحة متحدثا حول تطور مجال الإرشاد السياحي في الكلية: “بدأنا في كلية عمان للسياحة عام 2008 أول برنامج متعلق بمهنة الإرشاد السياحي ليس كدرجة علمية ولكن كشهادة مهنية، وكان البرنامج لمدة سنتين الأولى تأسيسية والثانية برنامج متكامل لإعداد المرشدين السياحيين من خلال المحاضرات الصفية والبرامج التعليمية والتعامل مع غرف المحاكاة المجهزة في الكلية لتتناسب مع احتياجات هذه المهنة، كما قمنا بتدريبهم عملياً في المواقع السياحية، وخرّجنا مجموعتين والحمد لله كان لها قبول كبير، وارتأينا بعد ذلك أن هؤلاء الطلاب بالإمكان أن يكونوا من مخرجات الدبلوم أو البكالوريوس في إدارة السياحة من خلال تأهيلهم أو إدخال مواد ومقررات تتعلق بالإرشاد السياحي من أجل تعزيز إدراك ووعي الطلاب في هذا الجانب”.

أكثر من 76% نسبة التعمين في الإرشاد السياحي

ويتطرق بدر الذهلي إلى أنه أكثر من 76% من المرشدين في السوق حاليا “عمانيون” يتحدثون لغات مختلفة، ويمارسون مختلف فئات الإرشاد، والتي تنقسم إلى 3 فئات وهي: المرشد العام والمرشد الإقليمي والمرشد المتخصص، فالمرشد العام يمكن أن يقوم بالإرشاد في معظم أرجاء السلطنة، والمرشد الإقليمي يرشد وفق نطاق محدد كمحافظة معينة مثلاً، أما المرشد المتخصص فيقوم بالإرشاد في تخصص معين كسياحة الآثار والمغامرات، وهذه الفئة تتطلب جهداً وقدرة معينة وأن يجتاز المرشد الاختبارات اللازمة لقياس كفاءته في التخصص.

تحديات الإرشاد السياحي

نتمنى أن تصل نسبة التعمين في مهنة الإرشاد السياحي 100% ولكن!

ويأمل الذهلي أن يحل العُمانيون محل المرشدين الوافدين والذين تصل نسبتهم قرابة 20% من إجمالي المرشدين السياحيين في السلطنة، ويشير إلى وجود تحديات منها ما يتعلق باللغات؛ فكثير من البرامج والأفواج السياحية تشترط زيارتها إلى السلطنة وجود مرشدين باللغات التي تتحدثها، مشيراً إلى هناك أسواق جديدة بدأت تدخل السوق العُماني مثل الأسواق الروسية والصينية وأمريكا الجنوبية من المكسيك والبرازيل، وهذه معظمها متحدثة باللغات الأجنبية ولا تتحدث اللغة الإنجليزية، فنضطر إلى جلب وافدين يتحدثون هذه اللغات.

بالتنسيق المسبق بين الجهات المعنية؛ نصل إلى نسبة تعمين 100%

ويقترح بدر لتحقيق نسبة التعمين 100% في مهنة الإرشاد السياحي تنفيذ برامج تدريبية بالتعاون مع مؤسسات التعليم السياحي في جوانب تتعلق بالإرشاد السياحي كاللغات واحتياجات سوق العمل، متطرقاً إلى أن جلسة واحدة فقط بين الصندوق الوطني للتدريب ووزارة السياحة ومؤسسات التعليم السياحي كفيلة لإعطاء نظرة عامة عن احتياجات السوق في الفترة القادمة، وأي الأسواق التي ستدخل السوق العُماني، ومن ثم تقوم المؤسسة المعنية بدعم هذه المشاريع “الصندوق الوطني للتدريب” بدعم مجموعة من البرامج ونعلن عنها ليلتحق بها مجموعة من الطلاب للتدريب، وبالتالي في الوقت الذي نحتاج فيه إلى هؤلاء المرشدين فهم جاهزون.

ولكن ما يحدث في الوضع الراهن

يقول بدر الذهلي: “الإشكالية تكمن أنه بعد أن يتم استهداف جنسيات جديدة لزيارة السلطنة؛ ننتبه بأننا في حاجة لمثل هذا النوع من المرشدين، وهنا نضطر لاستقطاب المرشدين من الخارج وبالشروط التي يطلبونها إلى حين تدريب وتأهيل العمانيين وإلحاقهم بالبرامج اللازمة لشغل هذه الوظائف، والتي تمتد إلى فترة قد تصل إلى 5 سنوات منذ الإعلان إلى الالتحاق بالبرنامج وتوفير المدرسين المناسبين…إلخ”.

أين ما وُجد العامل العُماني يبدع

ويتطرق بدر الذهلي إلى أن: “رغبة المرشد العُماني في المهنة أكبر من الوافد، والدليل لاحظناه من الانطباعات المكتوبة لدى السياح السابقين، حيث أنه وفي – بعض الأحيان – يأتي طلب السياح بأسماء مرشدين عُمانيين معينين بناءً على اطلاعهم وقراءتهم لآراء وانطباعات السياح السابقين، بالإضافة إلى ذلك فإن المرشد العُماني غيور على بلده ويعكس الظواهر الاجتماعية والثقافية للسياح بشكل أفضل”.

90% من المرشدين السياحيين العُمانيين يعملون بعقود مؤقتة

ويقول بدر الذهلي: “10% فقط من المرشدين السياحيين العمانيين يعملون بعقود دائمة والـ 90% الآخرون يعملون بعقود مؤقتة، والكثير منهم يفضلون العمل بعقود مؤقتة لأن السعر والفائدة التي يحصلون عليها من المال أكثر، ولكن الإشكالية التي تقع أن الكثير من الشباب يمارسونها فترة مرحلية فقط ولا يستمرون، مما يسبب حدوث تغيير وتبديل في الكوادر البشرية”.

من عامل بعقود مؤقتة إلى صاحب عمل

وحول هذا الموضوع يوضح أحمد وهو عامل في مجال الارشاد السياحي بعقود مؤقتة: “مهنة الإرشاد السياحي كانت الانطلاقة الحقيقة لي لأكون صاحب عمل، حيث كنت أمارسها منذ مرحلة الدراسة الجامعية وخاصةً في أيام الراحة الأسبوعية؛ فشكلت لي مصدر دخل إضافي استطعت من خلاله أن أدخر مبلغاً كرأس مال، ساعدني بعد التخرج؛ نتيجة عدم حصولي على وظيفة عمل بالقطاعين العام والخاص في ممارسة بعض المشاريع الصغيرة والمتوسطة والتي تطورت اليوم والحمد لله  واقتات منها مصدر رزقي مكتفئاً وأكثر دون التفكير في الالتحاق بأية وظيفة أخرى”.

تخصصية العاملين  في مهنة الإرشاد السياحي

وينتقل بدر إلى أهمية تخصصية العاملين في الإرشاد: “أغلب المرشدين الحاليين يرخص لهم من جانب عام، ولكن تتجه السلطنة إلى أن تكون أكثر تخصصية في القطاع السياحي، فالعمومية تكون في البداية دائماً لكن مع مرحلة النضج تبدأ بالتفصيل، ونتمنى خلال الفترة القادمة أن يكون هناك تحديد لمهام وأدوار كل مرشد سياحي، فمن يرشد في الأماكن الدينية والمعالم السياحية يجب أن تكون لدية تخصصية محددة، ومن يرشد في القلاع والحصون يجب أن يتمتع بالمهارات والمعارف اللازمة التي تتناسب مع طبيعة هذه الفئة من الإرشاد، ومما لاشك فيه أن التنسيق بين جهات التعليم ومع الجهات المُشّرِعة والداعمة لهذه المهنة أحد أهم السبل الرامية لتحقيق ذلك”.

توفير الوقت والجهد والمال

ويقترح الذهلي حول نظرة الحكومة في تطوير وتدريب المرشدين السياحيين قائلاً: “يوجد في السوق فائض من المدربين في مهنة الإرشاد السياحي ولكن بلغات معينة، ومن منطلق اهتمام الحكومة في توظيف الباحثين عن عمل بالإمكان أخذ هؤلاء المدربين – الذين يعملون بعقود مؤقتة- ولديهم المعرفة والمهارة، وتعليمهم اللغة فقط دون المعرفة والمهارة، وبالتالي توفير الوقت والجهد والمال، أضف إلى ذلك أن قابليتهم للتعلم وإتقان الاحترافية في المهنة تكون بشكل أفضل”.

تنطفئ الأفكار الإبداعية إذا ما وجدت الدعم

ويتحدث بدر الذهلي: “من المهم تنظيم القطاع السياحي من خلال دعم مشاريع الشباب الصغيرة والمتوسطة، ويجب أن تكون هناك حاضنات للشباب تتبناها الجهات ذات العلاقة بالقطاع الخاص والتي أسستها الحكومة لاستدامة العمل في الإرشاد السياحي كشركة عمران مثلاً، فالكثير من المرشدين لديهم أفكار إبداعية ويرغبون في التوسع في مشاريعهم، وفي المقابل يجدون المستقبل ضيق ضيقاً أمامهم في هذا المجال لعدم وجود الدعم وتوفر رأس المال”.

دور النقابات العمالية

يقول محمد بن شامس الرواحي – رئيس نقابة عمال كلية عُمان للسياحة: “العمل النقابي يساهم في تحسين بيئة العمل؛ فالنقابة العمالية تلعب الدور الرئيسي- من خلال التشجيع المستمر والعمل الدؤوب في تعزير المرشدين السياحيين من خلال التدريب العملي والتأهيل والتطوير والمشاركات ذات العلاقة”.

الدور العمالي

ويؤكد محمد الرواحي أن الدور العمالي يشكل أهمية قصوى من خلال اهتمام النقابات العمالية باختصاصاتها؛ ففي القطاع السياحي تلعب النقابة دورها الحقيقي في إبراز دور أعضاء جمعيتها العمومية، حيث يعتمد العديد من الأعضاء في مجال الإرشاد السياحي على هذه المهنة كمصدر رزق في الإجازات والعطلات الرسمية بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.

النقابة قناة وصل بين المرشدين والشركات السياحية

ويضيف الذهلي: “للنقابات دور كبير في وضع القوانين والتشريعات المتعلقة بحقوق وواجبات المرشد السياحي وتوعيته في هذا الجانب وبأهمية العمل في هذه المهنة، إضافةً إلى ذلك النقابة هي قناة وصل بين المرشدين السياحيين والشركات السياحية”.

في الطريق إلى تأسيس جمعية المرشدين السياحيين

ويتطرق بدر الذهلي قائلاً: “بدأنا في تشكيل فريق المرشدين السياحين، ومن ثم سننتقل لاحقاً إلى تشكيل جمعية المرشدين السياحيين”.

النقابة تنوّر المرشد بحقوقه وواجباته

ويكمل بدر: “العمل في الإرشاد السياحي عمل ميداني أكثر من أنه عمل مكتبي، وبالتالي ومع طبيعة عمل المرشد؛ تكون علاقته وفرصته للقاء مع الجهات ذات العلاقة والأقسام المختصة بالتوعية والإعلام والتثقيف بالمنشأة للتعرف على حقوقه وواجباته قليلة، ومن هنا يأتي دور النقابة في تنوير هذا المرشد بحقوقه وواجباته ومساعدته”.

مستقبل العمل في الإرشاد السياحي

لا يمكن تجاهل أن السلطنة أصبحت من ضمن الخارطة السياحية العالمية فالإحصائيات والأرقام واضحة للجميع وتدل على هذا الجانب، بالإضافة إلى ذلك المؤشرات القادمة بما فيها الاستقرار السياسي في السلطنة والمشاريع القائمة والجاري تنفيذها من قبل الحكومة ومؤسسات القطاع الخاص، تدعنا نستشرف المستقبل بأن القطاع السياحي قطاع مستمر وواعد وفي ازدياد مضطرد خلال الفترة القادمة.

وظائف الإرشاد السياحي بين الديمومة والاختفاء في عصر الثورة المعلوماتية:

التطور التقني سيغير من مفاهيم كثيرة وهذا سيطلب تغيير نمط العمل

ويشير بدر الذهلي إلى أنه من الضروري التركيز على احتياجات السياح من الخدمات الأساسية وخدمة الإرشاد السياحي وهي في تزايد كبير إلا أن النمط الذي كنا نحتاجه في فترة معينة يجب أن يتغير، وأن يتم التعامل مع المرشدين السياحيين بما هو مستجد في القطاع السياحي، فعلى سبيل المثال لا الحصر قد لا نحتاج في الفترة القادمة إلى مرشد في المتاحف والقلاع مع التطور التقني والذكاء الاصطناعي الذي سيشغل هذا الجانب من خلال وجود تطبيقات إلكترونية أو بما يسمى بالمرشد الإلكتروني الذي يتحدث بلغات مختلفة، وبالمثل أيضاً فيما يتعلق بمرشد المدينة الذي ستحل محله المدن الذكية التفاعلية بحيث يمكن للسائح من خلال التطبيقات الإلكترونية التعرف على كافة احتياجاته من مطاعم وفنادق وأماكن الزيارات وبطريقة مميزة.

هل سيطغى التطور التقني على الكادر البشري!!!

يقول بدر الذهلي: “من وجهة نظري ستكون الكفة متعادلة، فلا غنى عن الكادر البشري والذي سنحتاجه ولكن بنمط ومهارات وأساليب جديدة في التعامل، حيث سنحتاج إلى نوع آخر من المرشدين السياحيين بما يسمى المرشد المتعامل مع فئات من البشر كالسياح من ذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن، فهذه الفئات وآلية التعامل معها والبرامج والمعلومات التي تُقدَم لها تختلف تماماً عما يُقدَم لفئة الشباب”.

إقبال المرأة للعمل في الإرشاد السياحي

فاطمة بنت سبيل البلوشي، طالبة بكلية عمان للسياحة ومرشدة سياحية تقول: “جاءت مشاركتنا في مهنة الإرشاد السياحي مع قلة وجود المرشدات السياحيات، وبدأنا 5 طالبات كأوائل العنصر النسائي اللواتي يحصلن على ترخيص لمزاولة مهنة الإرشاد السياحي في الكلية، وسبقتنا 3 أخريات من خارج الكلية، حيث زاد بعدها الإقبال على العمل في مهنة الإرشاد ليصل حتى الآن إلى (20) مرشدة سياحية في الكلية”.

التحديات التي تواجهها المرشدة السياحية

وتتحدث فاطمة البلوشية عن التحديات قائلةً: “بدايةً لا بد من الإشارة إلى أن السياح ينظرون للمرشدة السياحية العُمانية والتزامها بالزي العُماني وتفاعلها معهم بنظرة إيجابية مقارنة بقلة وجود المرشدات ممن يمثلن الهوية الوطنية وثقافة المجتمع بشكل جيد في الدول الأخرى التي زاروها، وذلك من خلال تعاملي معهم في الجولات السياحية السابقة. وعندما نتطرق إلى التحديات؛ فعدم تشجيع أُسر بعض المرشدات لممارسة هذه المهنة – تحسباً للاختلاط أو ربما بسبب طبيعة العمل فيها والتي يرونها أقرب وأنسب للرجل من المرأة – من أبرز التحديات التي يمكن أن نشير إليها، أضف إلى ذلك إتقان اللغة فالمرشد يتعامل مع سائحين ليسوا بنفس المستوى التعليمي والمهني، فمنهم طالب المدرسة والطالب الجامعي والأستاذ والدكتور والأكاديمي والطبيب والمهندس .. الخ، ولكن الحمد لله مع الممارسة الميدانية للجولات السياحية تطورت مهاراتنا اللغوية وأصبحنا نتقنها بشكل جيد وتتناسب مع الجميع”.

الإرشاد السياحي عمل وطني في المقام الأول

وتضيف فاطمة: “تجربة الإرشاد السياحي تجربة رائعة، وأشجع كل امرأة للدخول في هذا المجال، فهو عمل وطني في المقام الأول من خلال نقل هوية السلطنة الثقافية والاجتماعية للسائحين، علاوةً على أنها فرصة لتطوير الذات، والقدرة على تنظيم الوقت بين الدراسة والعمل، ومعرفة الأماكن السياحة في السلطنة، والتعرف على الثقافات المختلفة من السياح”.

استشارة العائلة أول خطوة للمرأة قبل الالتحاق بالإرشاد كدراسة أو مهنة

وتختتم: “لا بد من أن تتعرض المرأة للانتقاد في سبيل الالتحاق بهذا المجال، ولا يجب أن يكون سبباً لها في التراجع أو ترك المهنة، بل أنصحها بالاستمرار والنظر إلى التحفيزات الإيجابية للوصول إلى الهدف الذي ترجوه، والأهم من هذا كله ولتجنب الصدام مع العائلة هو استشارتهم قبل البدء في دراسة هذا المجال، حتى لا ينتهي المطاف وبعد جهد من السنين في الدراسة والممارسة إلى عدم تقبل الأسرة لالتحاق ابنتهم بمهنة الإرشاد السياحي”.

إتاحة الفرصة للطلبة بالعمل الجزئي

ويتحدث رئيس نقابة كلية عُمان للسياحة بأن هناك منهج بالكلية يلبي الحاجة الفعلية لطلبة تخصص الإرشاد السياحي بالتعاون مع شركات السفر والسياحة من خلال إتاحة الفرصة للطلبة بالعمل الجزئي في العديد من المؤسسات ذات العلاقة، مضيفاً بأن التجارب تجعل من طلبة الإرشاد على وعي بأهميته الاقتصادية والدور المهم الذي يقوم به المرشد في الترويج غير المباشر للسلطنة واكتسابه المعرفة بالتاريخ والثقافة وتجعل منه محطة بارزة في استقطاب أكبر عدد من السياح.

تتقدم السلطنة بـ 8 مراكز في مؤشر تنافسية السفر والسياحة؛ مؤشر لاحتياج قادم من المرشدين السياحيين

ويقول بدر الذهلي في هذا الجانب: “يعد مؤشر تنافسية السفر والسياحة -الذي يتبع المنتدى الاقتصادي العالمي- من أقوى التقارير في العالم المعنية بتقييم قدرات الدول السياحية على الاستمرار والتنافس، حيث تقدمت السلطنة بـ 8 مراكز لتصبح في المركز56 عالمياً من أصل 140 دولة شاركت في مؤشر تنافسية السفر والسياحة لعام 2019م، وما عزز هذا التقدم مجموعة من العوامل منها البنية التحتية للسلطنة وجاهزيتها، والازدياد المضطرد في عدد المنشآت السياحية بالسلطنة، وجاهزية الموانئ العُمانية مقارنةً بالدول الأخرى، والحرص على ثبات أسعار الفنادق وجودة المنتج العُماني والمحافظة على البيئة، وكذلك توسع خطوط الطيران وفتح خطوط جديدة، والتوسع في استقبال المطارات لخطوط طيران جديدة، واستقطاب الطيران العارض والبواخر السياحية، وتوسعة الموانئ والتي كان يستقبلها فقط ميناء السلطان قابوس واليوم أصبحت تستقبلها موانئ خصب وصحار وصلالة. بلا شك أن كل هذه الجوانب ساهمت بشكل فاعل في زيادة جاذبية السلطنة لاستقطاب عدد أكبر من السياح وتقدمها في مؤشر تنافسية السفر والسياحة”.

قوة البلد سياحيا تقاس بمدة مكوث السائح

ويشير بدر الذهلي إلى أن الاستراتيجية السياحية العُمانية تتجه إلى تعزيز التنوع في المنشآت السياحية في مختلف محافظات السلطنة بحيث يمكن للسائح أن يمكث فترة أطول من خلال الاطلاع على التجارب المختلفة دون أن يشعر بملل، مؤكداً بأن قوة البلد سياحياً تقاس بمدة مكوث السائح فيها وليس بعدد السائحين فقط، فعلى سبيل المثال دول مثل إيطاليا وإسبانيا وفرنسا من ضمن الدول المتقدمة في عدد السائحين، لكن الولايات المتحدة الأمريكية وهي في المرتبة الخامسة يرتفع مردودها الاقتصادي من القطاع السياحي نظراً لبعدها عن دول العالم والذي أتاح للسياح المكوث فيها لوقت أطول.

لنستخلص من التحقيق ومن خلال المؤشرات المذكورة آنفاً أن فرص العمل للعمانيين في مجال الإرشاد السياحي حاضرة وفي تزايد خلال الفترة القادمة، إضافةً إلى ضرورة المحافظة على نسبة التعمين الحالية والأخذ بالأسباب الرامية إلى تحقيق نسبة تعمين 100% في الإرشاد السياحي والعمل على تنفيذ الحلول المقترحة لها لعل أهمها التنسيق المسبق بين الجهات ذات العلاقة لتحديد احتياج السوق من المرشدين في الفترة القادمة وبالتالي تدريب وتأهيل الكوادر العمانية لها، أضف إلى ذلك ضرورة التركيز على تهيئة الفرص لـ 90% من المرشدين العمانيين – الذين يعملون بعقود مؤقتة – لالتحاقهم بالعمل بعقود دائمة وبالتالي ضمان استمراريتهم في العمل، وتشجيع إقبال المرة للعمل في هذا المجال، وضرورة مواكبة التطور التقني الذي يتطلب تغيير نمط العمل إلى جانب صقل مهارات الكادر البشري – الذي لا غنى عنه – بما يتناسب مع الفترة المقبلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى