قضية العدد

سير إجراءات القضايا العمالية، وسرعة البت فيها

يُقال أن سرعة التقاضي نصف العدل… فكما أن حصول العامل على حقه له أثره الإيجابي عليه فإن سرعة الانتهاء من مرحلة التقاضي لها آثارها الإيجابية التي لا تقل أهمية؛ لما توفره من وقت وجهد وتكاليف مالية وضغوطات نفسية، ولا جدال أن بطء سير إجراءات القضايا العمالية وسرعة البت فيها يعد من التحديات التي تواجه العاملين المتقاضين في القطاع الخاص؛ لما يترتب عليها من آثار اقتصادية واجتماعية ونفسية على العمال خلال تلك الفترة.

وسعيًا لتبسيط إجراءات التقاضي لبعض المنازعات التي ينبغي ألا تكون محل نزاع لوقت طويل في المحاكم، ومنح جهات القضاء مرونة أكثر فيما من شأنه تسريع الإجراءات، استثناءً من أحكام بعض القوانين الإجرائية؛ فقد صدر المرسوم السلطاني رقم (2020/125) بإصدار قانون تبسيط إجراءات التقاضي في شأن بعض المنازعات، والذي تضمن الدعاوى المتعلقة بمنازعات العمل الناشئة عن تطبيق قانون العمل، وخفض المدد الخاصة بالقضايا العمالية، وعلى الرغم من ذلك، لا زالت هناك بعض التحديات التي يواجهها العمال خلال سير إجراءات القضايا العمالية.

إعداد: رشيد العامري، رئيس قسم الإعلام، الاتحاد العام لعمال سلطنة عُمان

نصحبكم في هذا التحقيق لمناقشة الوضع الحالي لسير إجراءات القضايا العمالية وفقا لقانون تبسيط إجراءات التقاضي في شأن بعض المنازعات، ومدى مساهمته في سرعة البت في القضايا العمالية، والتحديات التي تحول دون ذلك، فضلا عن ذلك، سنتطرق إلى بعض الحلول المقترحة من قبل المشاركين في التحقيق.

عامر الهنائي، عامل بإحدى منشآت القطاع الخاص -سابقا-، يحكي لنا في هذه التحقيق معاناته مع بطء سير إجراءات التقاضي بعد أن فُصل من العمل، وتقدم بشكواه لوزارة العمل، مرورًا بجلسات التقاضي التي بلغت أكثر من (14) جلسة، ومدة تجاوزت عاما و(6) أشهر، مشيرا إلى التداعيات الاقتصادية والاجتماعية التي عانى منها خلال هذه الفترة.

الدكتور أسعد بن سعيد الحضرمي، محام ومستشار قانوني، يحدثنا في المقطع المرئي التالي عن الوضع الحالي لسير إجراءات القضايا العمالية، ويقدم قراءة في قانون تبسيط إجراءات التقاضي في شأن بعض المنازعات، الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (2020/125)، والذي تضمن الدعاوى المتعلقة بمنازعات العمل الناشئة عن تطبيق قانون العمل، مشيرًا في الوقت نفسه إلى مجموعة من التحديات التي تحول دون السرعة في إجراءات التقاضي والبت فيها، والحلول المقترحة لذلك.

دائرة تسوية منازعات العمل – تحديات وحلول

  • ما الوضع الحالي لسير إجراءات القضايا العمالية بعد صدور قانون قانون تبسيط إجراءات التقاضي؟
  • هل ساهم قانون تبسيط إجراءات التقاضي في سرعة البت في القضايا العمالية؟
  • هل تم الالتزام بالمدد الخاصة بالقضايا العمالية في قانون تبسيط إجراءات التقاضي؟ وهل هي ملزمة؟
  • قانون تبسيط إجراءات التقاضي حصر درجات التقاضي في الدرجتين الابتدائية والاستئنافية، وأصبح الحكم الاستئنافي حكما نهائيا؛ عليه لا يجوز الطعن عليه أمام المحكمة العلياء، ما وجهة نظره حول ذلك؟
  • حدد قانون تبسيط إجراءات التقاضي في المادة (11) من القانون، الحد الأدنى لمجموع المطالبات، المقدر بـ(2000) ريال؛ حتى يتمكن العامل من استخدام حقه في إحالة الدعوى لدرجة الاستئناف، ما قراءته في ذلك؟
  • ما أبرز التحديات التي تسبب في بطء سير إجراءات التقاضي وفقا للقانون؟ وما الحلول المقترحة لها؟

“نزاعات العمل يُقصد بها الخلافات التي تنشأ بين صاحب العمل والعاملين في إطار العلاقة العمالية الناشئة بموجب عقد العمل والقانون، وتشمل المهام والمسؤوليات، والرواتب والمكافآت، وسوء الإدارة والإشراف، وتحديد شروط العمل، وقبول شخص للعمل أو عدمه، أو توقيفه عن العمل، وغيرها”.

ويضيف إبراهيم الغريبي قائلا: “نظّم قانون العمل رقم (2023/53) سير إجراءات الدعوى العمالية ومنازعات العمل الجماعية؛ بحيث لا تُقبل دعاوى منازعات العمل التي تنشأ عن المطالبة بالحقوق المنصوص عليها في قانون العمل وعقد العمل، إذا رُفعت مباشرة إلى المحكمة المختصة دون تقديم طلب للتسوية إلى دوائر تسوية منازعات العمل وأقسامها بوزارة العمل”.

ويكمل الغريبي: “تجري التسوية خلال مدة أقصاها (30) يومًا من تاريخ تقديم الطلب، وإذا تمت التسوية بين أطراف النزاع أمام دوائر تسوية منازعات العمل وأقسامها، أُثبت هذا الصلح في محضر يوقع عليه الأطراف والموظف المختص في الوزارة، والقاضي المنتدب في وزارة العمل؛ ويكون لهذا المحضر قوة السند التنفيذي، وبه ينتهي النزاع في حدود ما تم فيه الصلح، ويُسلم الأطراف صورة رسمية من المحضر، مذيلة بالصيغة التنفيذية، وإذا لم يتمكن أطراف النزاع من التوصل إلى اتفاق في عملية التسوية، يُحال النزاع إلى المحكمة المختصة في غضون سبعة أيام من تاريخ إجراء آخر جلسة للتسوية”.

ويوضح الغريبي: “تطبق أحكام قانون تبسيط إجراءات التقاضي رقم (2020/125) على النزاعات الفردية في مجال العمل التي تنشأ نتيجةً لتطبيق قانون العمل، وقد شُكّلت دوائر خاصة في كل محكمة ابتدائية، تتألف من قاضٍ واحد على الأقل، وكذلك شُكّلت دوائر استئنافية في كل محكمة استئنافية”.

ويؤكد: “يجب على الدائرة الابتدائية أن تصدر حكمها في النزاع خلال مدة لا تتجاوز (30) يومًا من تاريخ إحالته إليها، ويحق لها تمديد هذه المدة مدة مماثلة، ولكن مرة واحدة فقط، إذا كانت الدعوى غير صالحة للحكم فيها، كما يجوز الطعن في الأحكام الصادرة عن الدائرة الابتدائية التي تنتهي بها الخصومة أمام الدائرة الاستئنافية المختصة، إذا كانت قيمة الدعوى تتجاوز (2000) ريال عماني، كما يمكن استئناف الأحكام الصادرة عن الدائرة الابتدائية بصفة نهائية، إذا كان الحكم صادرًا بتأييد قرار فصل العامل”.

  1. ما تزال فترة التقاضي طويلة، رغم التنظيم القانوني لسير الدعاوى العمالية وفقا لقانون تبسيط الإجراءات.
  2. تُعد المواعيد الزمينة المحددة في القانون مددا تنظيمية لا ملزمة؛ مما ساهم في طول فترة التقاضي، إلا إن الإحصائيات الخاصة بالشكاوى العمالية تشير إلى استمرارية عملية التسوية لفترة أطول مما حدد لها في القانون؛ إذ تصل في بعض الحالات إلى أضعاف المدة المحددة، وتظهر الإحصائيات في الدعاوى العمالية أن مدة النظر في الدعوى تتجاوز المدد المحددة قانونيا بدرجة كبيرة.
  3. عدم وجود محكمة مختصة للفصل في النزاعات العمالية.
  4. تأخر البت في القضايا العمالية ساهم في تفاقم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي يتعرض لها العامل، لا سيما في قضايا الفصل؛ لعدم وجود دخل للعامل، فضلا عن تكاليف التقاضي التي يتكبدها العامل، كنفقات الانتقال، ورسوم الخبرة، وأتعاب المحاماة، وكلفة ترجمة المستندات.

1- إنشاء لجنة قضائية، تختص بالتحقق من التزام دوائر تسوية منازعات العمل وأقسامها والمحاكم بالمدد والمواعيد الزمنية المنصوص عليها في التشريعات المنظمة لسير إجراءات الدعاوى العمالية، واعتمادها مددا قانونية إلزامية، لا يمكن مخالفتها.

2- إنشاء محاكم عمالية، تختص بالفصل في النزاعات العمالية.

3- سرعة تنفيذ الأحكام القضائية.

4- استخدام وسائل التقنية لعقد جلسات التسوية والتقاضي للعمال الذين لا يتمكنون من حضور الجلسات بسبب التكاليف المالية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى