مقالات أخرى

المفاوضات واتفاقيات العمل الجماعية على المستوى القطاعي

طارق بن موسى العزري، اختصاصي علاقات دولية، الاتحاد العام لعمال سلطنة عُمان

تُعرّف منظمة العمل الدولية الاتفاقات الجماعية على أنها هدف ونتيجة للمفاوضة الجماعية باعتبارها (جميع الاتفاقات المكتوبة المتعلقة بظروف العمل وشروط الاستخدام التي تعقد بين صاحب عمل أو مجموعة من أصحاب العمل أو منظمة واحدة أو أكثر لأصحاب العمل، من ناحية، ومنظمة واحدة أو أكثر ممثلة للعمال، أو في حالة عدم وجود مثل هذه المنظمات، مع ممثلي العمال المنتخبين حسب الأصول والمصرح لهم بذلك من قبل العمال وفقا للقوانين واللوائح الوطنية، من ناحية أخرى).

إذ صنفت منظمة العمل الدولية المفاوضة والاتفاقيات الجماعية في عدة مستويات؛ وذلك على النحو التالي:

– الاتفاقات الوطنية المهنية التي تغطي جميع العمال.

– اتفاقات تغطي صناعة بأكملها أو فرع نشاط أو مهنة.

– اتفاقات إقليمية أو مناطقية تغطي فرع نشاط أو مهنة.

– الاتفاقات الجماعية التي تغطي المؤسسة/ المنشأة.

وبما أن محور حديثنا يقتصر على الاتفاقيات على المستوى القطاعي، فإن ذلك يقودنا إلى توضيح أبرز الفروقات والاختلافات بين المفاوضة والاتفاقيات على المستويين المؤسسي والقطاعي وفقًا لمنظمة العمل الدولية؛ وذلك على النحو التالي:

وفي سياق الاستدلال بأحد النماذج الدولية المتقدمة بشأن مستويات المفاوضات والاتفاقيات الجماعية على المستوى الوطني، فإنه يمكن استعراض التصنيف المتبع لدى الاتحاد النرويجي لنقابات العمال؛ وذلك على النحو التالي:

الاتفاقية على مستوى القطاع:

تشمل الأطر العامة من الالتزامات بين إدارات الشركات والنقابات في ذات القطاع، مثل: الحق في الانتساب والتشكيل، وحق المساواة بين الجنسين، والمفاوضة النقابية، والتحول الرقمي .. إلخ.

الاتفاقية على مستوى الصناعة/ المهنة:

تشمل تفاصيل أدق من الالتزامات بما يتناسب مع احتياجات الصناعة مثل أنظمة العمل الإضافي، وأنظمة الأجور على مستوى الشركة، وقضايا وقت العمل .. إلخ.

الاتفاقية على مستوى المؤسسة/ المنشأة:

تشمل الاتفاق على بنود وامتيازات أكثر تفصيلا، فمثلا إذا تم تحديد معدلات الأجور في الاتفاقية الجماعية على مستوى الصناعة على أنها معدلات دنيا، فإنه يحق للنقابة إجراء مفاوضة واتفاقية على مستوى المؤسسة.

أما بالنسبة للاتحاد العام لعمال السلطنة، فإن جهوده قد تكللت بالنجاح في التوقيع على اتفاقية عمل جماعية في قطاع النفط والغاز في عام 2011 والمعروفة بـ)اتفاقية المروحية(، التي تعد كأحد نماذج المفاوضة والاتفاق على المستوى القطاعي. إذ أنه وبعد تأسيس (6) اتحادات عمالية قطاعية في السلطنة تشمل قطاعات: النفط والغاز،

والصناعة، والإنشاءات، والسياحة، والتعليم، والكهرباء، فإن أحد سبل تفعيل الدور الذي يجب أن تؤديه في تحسين شروط العمل وظروفه بجانب توعية النقابات بالحقوق والواجبات، هو توحيد جهود النقابات العمالية المنضوية في القطاع الواحد نحو تفعيل التفاوض الجماعي الذي يهدف إلى الخروج باتفاق جماعي يشمل كافة العاملين فيه.

وحتى يتمكن أعضاء الهيئات الإدارية للاتحادات العمالية القطاعية أو فريق العمل المكلف من تبني مشروع التفاوض بهدف التوقيع على اتفاق جماعي على مستوى القطاع؛ فإن ذلك يتطلب معارف ومهارات متقدمة يجب أن يمتلكها فريق العمل، ويأتي في مقدمتها: أن يمتلك الفريق مهارات عالية في الحوار والمفاوضة، إضافة إلى الدراية بالقوانين الوطنية ذات الصلة، وتحديات القطاع، والفرص التي يجب اغتنامها، من بينها الاستفادة من الأوضاع الاقتصادية المستقرة في بعض القطاعات للتوقيع على اتفاقية قطاعية، إلى جانب المعرفة بالفرق في التفاوض والاتفاق الجماعي بين المستويين المؤسسي والقطاعي، وكيفية استخدام الحملات وحشد الجهود النقابية في القطاع الواحد كأحد الأدوات الداعمة.

وختامًا فإنه إلى جانب مساهمة الاتفاقية القطاعية في تحسين ظروف العمل، وتوفير مزايا نوعية، وتقليص الفجوات في المزايا بين العاملين في القطاع الواحد، فإنها كذلك سوف تساهم في تعزيز الانتساب النقابي في السلطنة بشكل عام وعلى المستويين المؤسسي والقطاعي على وجه الخصوص؛ إذ أنه ومما تجدر الإشارة إليه في هذا الإطار أن البلدان التي لديها مفاوضة جماعية قطاعية تتمتع بمعدلات تنظيم نقابي عال، وتغطية أفضل للاتفاقيات الجماعية مقارنة بالدول ذات المفاوضة على المستوى المؤسسي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى