الخدمات البنكية والتمويلية للقوى العاملة الوطنية بين التحديات والطموحات
رشيد العامري، رئيس قسم الإعلام، الاتحاد العام لعمال سلطنة عُمان
الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العماني:
- قام البنك مؤخرًا بدراسة الحدود الاحترازية والرقابية للقروض الإسكانية للفئات من ذوي الدخل المنخفض، وقد خرجت الدراسة بمقترحات لتعديل نسبة خدمة الدين والفترة القصوى للسداد، وسيتم الإعلان عنها فور الانتهاء من العمل عليها، ومن ثم إسقاطها على اللوائح المصرفية.
- يعمد البنك حاليًا إلى استحداث أدوات تحفيزية للمصارف؛ لإيجاد بيئة مواتية تشجع البنوك على إقراض العمال من ذوي الأجور المنخفضة.
- وجه البنك المصارف إلى إعادة النظر في معايير تقييم الشركات المعتمدة لديها لإقراض منتسبيها.
- واقع الخدمات المصرفية لفئة العمال من ذوي الأجور المنخفضة قد لا يكون مرضيا وكافيا بالقدر الذي نطمح له في القطاع المصرفي، خاصة في موضوع التسهيلات الائتمانية، وفي هذا النطاق يوجه البنك المركزي القطاع بشكل مستمر إلى ضرورة استحداث منتجات خاصة لكل فئة من فئات المجتمع.
- رئيس مجلس إدارة مشاريع روي العالمية: عدم توفر التسهيلات البنكية أحد أسباب عزوف الباحثين عن العمل في القطاع الخاص.
التحق “مؤيد” بالعمل بإحدى مؤسسات القطاع الخاص منذ أعوام؛ ولحاجته الطارئة لتغطية تكلفة علاج والدته في الخارج قرر أن يلجأ لاقتراض مبلغ مالي من إحدى البنوك بالسلطنة، وعند ذهابه للبنك تفاجأ برد الموظف أن الشركة التي يعمل بها غير مسجلة بالبنك، وطلب منه القيام بعدة إجراءات وتوفير بعض المستندات المتعلقة بالشركة والتي لا يملكها أصلا… شكّلت تلك الإجراءات صورة ذهنية سلبية لدى “مؤيد” عن العمل في تلك الشركة، وعلى إثر ذلك بذل كل ما في وسعه للحصول على فرصة وظيفية في شركة أخرى أو في إحدى مؤسسات القطاع العام؛ يتاح لمنتسبيها خدمات وتسهيلات بنكية خاصة، حتى تحقق ما أراد، وانتقل للعمل في القطاع العام.
نستنتج من القصة أن استقرار العاملين في القطاع الخاص يقوم على عدة ركائز، من أهمها الخدمات والتسهيلات التي يحصل عليها العامل عند تعامله مع المؤسسات الأخرى كالتسهيلات التمويلية والبنكية؛ لما تقدمه من حلول مالية قد تساهم في تحقيق مطامح العمال وآمالهم في أمد قصير.
وأشارت الإحصائية الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى ارتفاع إجمالي القروض والتمويل بالبنوك التجارية في السلطنة بنسبة 6.8 % ليصل إلى 29 مليارًا و812 مليونًا و200 ألف ريال عُماني بنهاية شهر فبراير 2023 بالقياس إلى 27 مليارا و902 مليون و800 ألف ريال عُماني خلال الفترة نفسها من عام 2022.
وعند النظر إلى هذا العدد المرتفع الذي يشمل شريحة كبيرة من المجتمع ويمس فئة كبيرة من العاملين في القطاع الخاص؛ يقتضي الأمر تسليط الضوء على التحديات التي يواجهها العمال تجاه الخدمات البنكية والتمويلية، والوقوف على الحلول والمقترحات التي يمكن أن تساهم في معالجة هذه التحديات بما يتوافق مع توجهات رؤية عُمان 2040 التي أكدت على أهمية تبسيط الإجراءات، وأكدت على أهمية خلق سوق عمل جاذب للكفاءات، ومواكب للتغيرات الديموغرافية والاقتصادية والمعرفية والتقنية.
أبرز التحديات التي تواجه العاملين:
عدم تسجيل الشركة لدى البنك أو شركة التمويل
يقول عامر بن منصور العزري، مدير دائرة الخدمات العمالية والقانونية: من خلال الحالات التي ترد إلى الاتحاد العام لعمال سلطنة عُمان يتبيّن أن أبرز التحديات التي تواجه العاملين في القطاع الخاص فيما يتعلق بالتسهيلات والخدمات البنكية والتمويلية المقدمة للقوى العاملة الوطنية هي عدم تسجيل الشركة لدى البنك أو شركة التمويل التي يرغب العامل في الحصول على خدماتها البنكية أو التمويلية، وعليه لا يستطيع الاستفادة من تلك الخدمات، وبطبيعة الحال فإن كثيرًا من هذه الخدمات تعتبر ضرورية للأفراد لتلبية احتياجاتهم الاجتماعية والاقتصادية كشراء مسكن أو مركبة، أو تأسيس مشروع تجاري ليكون مصدر دخل إضافي له لمواجهة متطلبات المعيشة؛ الأمر الذي يتطلب معالجة تضمن قدرة أي عامل على الاستفادة من الخدمات البنكية والتمويلية.
البنك المركزي وجه المصارف إلى إعادة النظر في معايير تقييم الشركات المعتمدة لديها
يقول سعادة طاهر بن سالم العمري، الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العُماني: عند تسجيل الشركات في المصارف، هناك بعض المتطلبات التي يطلبها المصرف لتقييم الشركة وتسجيلها، قد تختلف من مصرف إلى آخر، مثل الملف التعريفي عن المؤسسة واختصاصاتها، والقوائم المالية لآخر ثلاثة أعوام، وقائمة برواتب الموظفين، وعدد الموظفين، ونسبة التعمين، وتقرير ملاءة، ورأس مال المؤسسة، ومن ثم يقوم المصرف بدراسة إمكانية تسجيل الشركة أو تصنيفها وتصنيف مستوى المخاطر المرتبطة بها، وقد وجه البنك المركزي المصارف إلى إعادة النظر في معايير تقييم الشركات المعتمدة لديها لإقراض منتسبيها، وقد تطلب بعض المصارف قبل فتح الحساب أو أخذ تمويل بنكي بعض الإجراءات والمستندات ضمن تدابير العناية الواجبة.
نسب الأرباح أو الفوائد
ويواصل العزري حديثه عن التحديات التي تواجه العمال فيما يتعلق بالتسهيلات التمويلية والبنكية قائلا: يواجه بعض العمال ذوي الأجور المنخفضة إشكالات في نسب الأرباح أو الفوائد التي يتعيّن عليهم سدادها للبنك أو شركة التمويل، عليه ينبغي أن يكون هناك دعم خاص لفئات معينة من الأجور؛ بحيث تكون نسب الأرباح والفوائد التي تفرض عليها أقل من غيرها.
احتساب سعر الفائدة على أساس تكلفة التمويل والخسائر المتوقعة
ويشير العمري في هذا الصدد قائلا: إن تحديد سقف معين على سعر الفائدة للقروض الشخصية هو أحد الإجراءات التي يقوم بها البنك المركزي العُماني لدعم فئات المقترضين، خاصة ذوي الدخل المنخفض، بحيث لا تزيد نسبة الفائدة عن حد معين للقروض الشخصية؛ إذ يقوم البنك بمراجعة هذه النسبة بشكل دوري، ويقوم بمراجعة احتساب سقف سعر الفائدة على القروض الشخصية التي تبلغ حاليا 6%؛ وذلك وَفقا لمؤشرات سعر الفائدة لدى المصارف، وتتضمن المنهجية المعتمدة احتساب سعر الفائدة على أساس تكلفة التمويل والخسائر المتوقعة وغير المتوقعة والتكاليف غير المباشرة.
مقترحات لتعديل نسبة خدمة الدين والفترة القصوى للسداد
ويضيف العمري قائلا: فيما يخص فئة العمال ذوي الدخل المنخفض، قد قام البنك المركزي العُماني مؤخرًا بدراسة الحدود الاحترازية والرقابية للقروض الإسكانية للفئات ذات الدخل المنخفض، وقد خرجت الدراسة بمقترحات لتعديل نسبة خدمة الدين والفترة القصوى للسداد، وسيتم الإعلان عنها فور الانتهاء من العمل عليها، ومن ثم إسقاطها على اللوائح المصرفية.
العقود محددة المدة
ويوضح العمري قائلا: إن واقع الخدمات المصرفية لفئة العمال من ذوي الدخل المنخفض قد لا يكون مرضيا وكافيا بالقدر الذي نطمح له في القطاع المصرفي، خاصة التسهيلات الائتمانية، ويوجه البنك المركزي العماني القطاع المصرفي بشكل مستمر إلى ضرورة استحداث منتجات خاصة لكل فئة من فئات المجتمع بما فيها هذه الفئة؛ وذلك من خلال إيجاد منتجات مناسبة تلبي احتياجات العامل ومتطلباته الاجتماعية والأسرية، ويتابع البنك المركزي كافة التطورات على هذا الصعيد، إلا إن المصارف قد تلجأ إلى تبني سياسة منح قروض بسيطة لهذه الفئة؛ لتقليل المخاطر المترتبة على استرداد القروض بشكل كامل، وبحكم طبيعة تلك العقود التي قد تكون لمدة زمنية قصيرة.
استحداث أدوات تحفيزية للمصارف لإقراض العمال ذوي الدخل المنخفض
ويكمل العمري قائلا: يعمد البنك المركزي حاليًا إلى استحداث أدوات تحفيزية للمصارف لإيجاد بيئة مواتية لتحفيز الإقراض من قبل البنوك للزبائن من هذه الفئة، بالإضافة إلى تطوير المنظومة الائتمانية في السلطنة؛ إذ أنشأ مركز عمان للمعلومات الائتمانية والمالية (ملاءة) المختص بإصدار التقارير الائتمانية ودرجة ملاءة للأفراد والمؤسسات، التي تحتوي على معلومات ديموغرافية ومالية مفصلة، بما في ذلك المديونية الفردية والشيكات المرتجعة ومؤشرات أخرى، وستتضمن هذه التقارير مستقبلا بيانات التوظيف والراتب وغيرها، كما يعمد البنك المركزي حاليا لإيجاد حلقة وصل مع المصارف للاعتماد على التقارير الائتمانية بدرجة أكبر عند تقييم المخاطر للأفراد قبل منحهم التمويل، والتي بدورها ستساهم في تلبية متطلبات الفئة من العاملين بعقود فيما يخص الحصول على التسهيلات الائتمانية.
الأمان الوظيفي في منشآت القطاع الخاص
ويقول العزري: هناك أيضًا إشكالية تتعلق بمستوى الأمان الوظيفي في منشآت القطاع الخاص، والمسؤولية القانونية المترتبة على العمال المنهاة خدماتهم لسبب لا إرادة لهم فيه تجاه البنوك أو شركات التمويل المستفيدين من خدماتها البنكية والتمويلية؛ إذ لا توجد حماية لهؤلاء العمال من تبعات هذا الإنهاء على التزاماتهم المالية تجاه الجهات المذكورة؛ الأمر الذي يتطلب أن يكون لمنظومة الحماية الاجتماعية دور في حماية الغارمين من العاملين المنهاة خدماتهم والذين ثبت تعثرهم ماليًّا.
حماية العمال المقترضين أثناء التسريح من العمل
يقول العمري: أصدر البنك المركزي العُماني بتاريخ 22 ديسمبر 2022 تعليمات إلى كافة المصارف وشركات التمويل والتأجير التمويلي بتأجيل الأقساط الشهرية للمسرحين عن العمل؛ إذ تقرر الاستمرار بالعمل ببرنامج التأجيل لأقساط القروض الشخصية الخاصة بالمواطنين المسرحين عن العمل، والذي بدأه البنك المركزي العماني عام 2020 استجابةً لتداعيات جائحة كورونا؛ إذ يوفر البرنامج فترة سماح لتأجيل أقساط للمسرح عن العمل لمدة 12 شهرا أو إلى حين حصوله على عمل آخر، مع وقف احتساب الفائدة أو الربح على الرصيد المستحق للقرض أو التمويل خلال فترة التأجيل.
عدم توفر التسهيلات البنكية أحد أسباب عزوف الباحثين عن العمل في القطاع الخاص
ويشير علي بن حمدان العجمي، رئيس مجلس إدارة مشاريع روي العالمية: عند النظر إلى أسباب عزوف الباحثين عن عمل في مؤسسات القطاع الخاص، نجد من ضمن الأسباب سهولة حصول العاملين في القطاع الحكومي على التسهيلات البنكية من البنوك التجارية، ومنها القروض السكنية؛ إذ لا تشترط البنوك المانحة ضرورة تسجيل الشركة أو المؤسسة في البنك والاكتفاء بشرط تحويل راتب الموظف إلى البنك المانح، فالباحث عن عمل دائما يبحث عن حزم المزايا التى يمكنه الحصول عليها من عمله في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص، والتي على أساسها يتخذ قراره في اختيار جهة العمل.
التسهيلات البنكية عنصر تفضيل عند العامل بين مؤسسة وأخرى
ويضيف العجمي قائلا: بلا شك إن المزايا والتسهيلات التي يحصل عليها العامل تعد عاملا مهما في اختيار العمل سواء كان بين مؤسسة وأخرى في القطاع الخاص أو الاتجاه للعمل في القطاع الحكومي، ومن أهمها مزية الحصول على قرض سكني التى تعد ضمانا له في استقراره الوظيفي والاجتماعي، وهي الميزة التي لا يستطيع العامل في القطاع الخاص الحصول عليها في عدد كبير من الشركات الصغيرة غير المسجلة لدى البنوك التجارية؛ لكونها غير منصفة من قبل البنوك، ومنها أسباب داخلية غير معروفة لدى البنوك.
الشركة مصنفة ضمن الدرجة الثانية
وتشارك بثينة بنت سليمان الريامية، عاملة في القطاع الخاص، بقصتها في هذا الجانب قائلة: بعد التحاقي بالعمل كنت في حاجة ماسة لشراء سيارة خاصة لي من أجل ذاهبي للعمل، تقدمت في البداية بطلب قرض من إحدى شركات التمويل، ولكن سعر الفائدة كان مرتفع جدًا؛ إذ يصل إلى 7 %، ومن ثم اتجهت لبنك لأخذ القرض، ولعل أبرز التحديات التي يمكن أن أشير إليها هي أن الشركة التي أعمل بها مصنفة ضمن الدرجة الثانية؛ وبالتالي يجب أن ألتزم بتسديد القرض خلال 60 شهرًا؛ أي ما يعادل 5 أعوام، وهذا ما زال يشكل لي عبئا ماديا، إضافة إلى ذلك تواجه الشركة في بعض الأحيان أزمة مالية في دفع الأجور في الموعد المحدد، فعلى سبيل المثال موعد دفع القسط الخاص بي هو تاريخ 12 من كل شهر وفي بعض مرات تُدفع أجورنا بعد هذا التاريخ؛ مما يترتب علي دفع غرامة مالية بسبب عدم دفع القسط في الموعد المحدد.
اشتراطات وإجراءات طويلة
وتتحدث بلقيس بنت أحمد الهنائية، عاملة بالقطاع الخاص، عن سبب ابتعادها عن الاقتراض قائلة: توظفت في القطاع الخاص، وتم قبولي في العمل بشهادة البكالوريوس، وفي الوقت نفسه كنت أكمل دراستي الجامعية لحصول على الماجستير في تخصص إدارة المشاريع الهندسية على نفقتي الخاصة، وقد واجهت صعوبة في دفع رسوم الدراسة المكلفة جدا؛ فلجأت إلى أحد البنوك، وبعد البحث لم أقتنع بفكرة القرض البنكي؛ بسبب نظرة البنوك للعامل في القطاع الخاص والاشتراطات والإجراءات الطويلة، إضافةً إلى ذلك، تجنبت عدم المشاركة في جمعية شهرية أهلية بمبلغ مالي من راتبي؛ خوفا من الوقوع في فخ التسريح.
تخوّف البنوك عندما يتقدم لها عامل بطلب قرض
ويقول جاسم بن سالم الجنيبي، عامل في القطاع الخاص: التحقت بالعمل في القطاع الخاص منذ 5 أعوام؛ ولظروف قاهرة اضطررت للاقتراض من إحدى البنوك المحلية، وما يمكن أن أستخلصه من خلال بحثي وزياراتي لتلك البنوك هو أن هناك تخوفا لدى البنوك لتقديم قرض للعامل بالقطاع الخاص لمجموعة أسباب، تتعلق بعضها بقياس المخاطر، مثل تأخر صرف الأجور على العامل، وتسريحه من العمل، وتسجيل الشركة أيضًا لديها، ودرجتها الاتمانية وغيرها؛ الأمر الذي يتطلب معالجات وتحسينات تسهل حصول العامل بالقطاع الخاص على الخدمات البنكبة والتمويلية.
مراجعة معايير استحقاق القروض
ويوضح العمري قائلا: يعمل البنك المركزي العُماني على وضع سياسة عامة للإقراض في القطاع المصرفي، وتقوم مجالس إدارات البنوك وإداراتها التنفيذية برسم السياسة الاقراضية التفصيلية لمصارفها؛ إذ تؤخذ في الاعتبار عدة عوامل، منها طبيعة السوق ونوع المخاطر والموارد المتاحة والضمانات والبيئة التنافسية في القطاع، وكذلك قدرة كل مصرف على تحمل المخاطر، ومن ثم تُصنّف الشركة بناءً على تقييم قوائمها المالية وملاءتها، وغيرها من المعايير التي تؤخذ بعين الاعتبار وَفقا لسياسة البنك الائتمانية؛ وبالتالي منح التسهيلات الائتمانية للعاملين بهذه الشركات يعتمد على تصنيف الشركة نفسها، إلا إن البنك المركزي العماني قام بتوجيه المصارف إلى إعادة النظر في سياساتها الائتمانية الداخلية تجاه العاملين في القطاع الخاص، ومنها على سبيل المثال مراجعة معايير تقييم الشركات المعتمدة لدى المصارف لإقراض منتسبيها أو تمويلهم، وأيضًا تم توجيه المصارف إلى إيجاد وسائل مبتكرة للتمويل لتقليل المخاطر من خلال التواصل مع شركات الـتأمين لتوفير غطاء تأميني لهذه الفئة، والاستعانة أيضا بمركز عُمان للمعلومات الائتمانية والمالية (ملاءة).
الوعي المجتمعي باشتراطات الحصول على التسهيلات البنكية
ويؤكد العمري على أهمية رفع الوعي المجتمعي والتثقيف المالي بكافة الخدمات المصرفية وما يتعلق بها من ضوابط واشتراطات، ومن هذا المنطلق يشتمل الإطار التشريعي لحماية المستهلك المالي – الذي أصدره البنك المركزي العماني- على مبدأ التعليم المالي والقدرة المالية؛ إذ وُضعت تعليمات لجميع المؤسسات المرخصة لتطبيق هذا المبدأ، والذي يهدف إلى تعزيز الوعي المجتمعي والثقافة المالية للمستهلكين، وسيؤدي بدوره إلى زيادة ثقة مستهلكي الخدمات المالية في إدارة شؤونهم المالية الشخصية، ويزيد من إقبالهم ومعرفتهم بالخدمات المناسبة لهم؛ وبالتالي يحميهم من المخاطر المالية أو انتهاك حقوقهم، ويقلل تعرضهم لمخاطر الاحتيال؛ مما يزيد من مستوى الرضا لديهم، وقد أكدت هذه التعليمات على أهمية أن تقوم المصارف ببرامج توعوية وتثقيفية للمستهلك المالي ذات هدف واضح ومعتمدة على طرق مختلفة وعملية وسهلة مناسبة لكافة فئات المجتمع، تساعدهم على صقل مهاراتهم وقدراتهم وإكسابهم سلوكا ماليا واعيا ومسؤولا، يمكّنهم من اتخاذ قرارات مالية صائبة.
الحلول المقترحة
يقترح العجمي بعض الحلول قائلًا: من حق العامل الشعور بالأمان في العمل؛ فهو يزيد من ولاء العامل لمؤسسته التي لها القدرة العملية على توفير مزايا ومكافآت أفضل حتى من القطاع الحكومي عند استيفاء الشروط الخاصة بالكفاءاة والإنتاجية، ويأتي في مقدمة هذه الحقوق الحصول على قروض سكنية، ويمكن معالجة التحدي المتمثل في شرط استيفاء تسجيل المؤسسة لدى البنك، وشرط تحويل الرواتب إلى البنك؛ وعليه نقترح أن يتبنى البنك المركزي بالاتفاق مع البنوك التجارية إزالة شرط قيد تسجيل المؤسسة، وذلك من خلال توفير الضمانات التالية عند حصول تسريح للعامل:
- الاستفادة من دعم صندوق الأمان الوظيفي في الفترة التي يسمح بها الصندوق، والعمل على زيادة فترة الضمان للمسرحين عن العمل لتكون على ضعف الفترة المحددة حاليا، خاصة الذين مر على عملهم في المؤسسة أكثر من 5 أعوام.
- الاستفادة من خدمة التأمين على القرض.
- الاستفادة من التأمينات الاجتماعية في تغطية أقساط القرض إلى حين الحصول على وظيفة جديدة.
- بإمكان البنوك وضع اشتراطات أخرى، مثل:
- منح القروض بعد مضي فترة تتراوح بين عام إلى 3 أعوام مثلا.
- وضع حد أعلى للراتب للحصول على قرض سكني، مثلا 500 ريال عماني.
- أن تكون درجة المؤسسة بين الدرجة الممتازة والدرجة الرابعة.
- أن يكون عدد القوى العاملة بالمؤسسة لا يقل عن 10.
جهود الاتحاد العام لعمال سلطنة عُمان
يتحدث العزري عن جهود الاتحاد العام قائلا: على المستوى العام يعمل الاتحاد العام مع أطراف الإنتاج على تقديم المقترحات اللازمة ومتابعتها، والتي تهدف إلى تحسين الخدمات البنكية والتمويلية للعاملين في القطاع الخاص، نأمل أن تكلل تلك المساعي بتحقيق أهدافها المنشودة، كما يعمل الاتحاد العام على متابعة بعض الحالات التي ترد إليه بشكل مباشر، وإيجاد حل بشأنها؛ فمثلا ترد في بعض الأحيان بأن الشركة غير مسجلة لدى البنك أو شركة التمويل، وبالتالي عدم تمكن العامل من الاستفادة من خدماتها، وبالتواصل مع الشركة والبنك، يتبيّن أنه يتطلب على الشركة أن تقدم بعض البيانات والمستندات للشركة أو البنك حتى تستوفي إجراءات التسجيل والاستفادة من الخدمات، كما يقوم الاتحاد العام بتزويد النقابات والاتحادات العمالية بخطابات لتسهيل فتح حسابات بنكية باسمها.
دراسة حالة المقترض
وتتمنى الهنائية أن تكون هناك مراعاة في نسبة الفائدة التي تحصل عليها البنوك من العامل في القطاع الخاص، ومراعاة ظروفه التي يمر بها ودراسة حالته؛ بحيث يمكن للبنك أن يتساعد معه بتخفيف الفائدة أو تأجيل القسط في حال وقع العامل في ظروف صعبة، وإعطاء المقترض فرصة لدفع المبالغ، مع أهمية وجود مختص في هذا المجال، يعين المقترض على وضع خُطة تساعده وتسهل عليه الخروج من دوامة القرض.
إيجاد برامج تمويلية جادة للنهوض بالشركات
تؤكد الريامية على ضرورة إيجاد برامج تمويلية جادة للنهوض بالمؤسسات والشركات خصوصًا المتعثرة من جراء جائحة كورونا، إضافةً إلى معالجة البرامج السابقة لتتناسب مع الوضع الراهن في ظل وجود تحديات كثيرة، كما ينبغي على البنوك تتساعد في مدة تسديد القرض، وفي حالات التسريح؛ تجنبا للتبعات الاقتصادية والاجتماعية والقانونية التي قد تقع على عاتق العامل.
مبادرات البنك المركزي لتجويد الخدمات المصرفية
ويختتم سعادة سالم العمري حديثه قائلا: يسعى البنك المركزي في الوقت الراهن إلى تطوير الخدمات التي يقدمها القطاع المصرفي من خلال التنظيم والإشراف عليها، بدءًا من الترخيص ومن ثم الرقابة المكتبية والميدانية لعملية تقديم هذه الخدمات، والتأكد من التزامها بكافة اللوائح والقوانين المصرفية، كما يعمل بصورة مستمرة على مراجعة اللوائح والقوانين المصرفية واضعا نصب عينيه تحقيق الشمول والاستقرار المالي، إضافة إلى وضع الأطر التنظيمية العامة والحدود الاحترازية لكافة الخدمات المصرفية الذي تتيح للمصارف رسم سياسات خاصة لها في تقديم الخدمات؛ مما يشجع التنافس في تقديم أفضل الخدمات سواء من خلال نوع الخدمة وجودتها، وأسعار الفائدة المرتبطة بها، وكذلك التنافس في الوصول للزبون، ونشير هنا إلى أهم المبادرات التي قام بها البنك المركزي العماني:
- إصدار تعليمات خاصة بالخدمات المصرفية المقدمة للأشخاص ذوي الإعاقة، والتي تهدف إلى تمكين هذه الفئة من الاستفادة من الخدمات المصرفية وتحقيق مبدأ الشمول المالي بإيصال كافة الخدمات إلى كافة شرائح المجتمع.
- إصدار تعليمات لكافة المؤسسات المرخصة تتعلق بحماية المستهلك المالي، وتهدف إلى ضمان الإنصاف في تقديم المنتجات والخدمات المالية، وزيادة الثقة والوعي بالخدمات المصرفية.
- إطلاق برنامج (مسرعة الأعمال) بالتعاون مع الشركة العمانية للاتصالات، يهدف إلى توفير الإرشاد والدعم للشركات الناشئة لضمان جاهزيتها في الجوانب التنظيمية، وتطوير منتجاتها بشكل آمن للاختبار المباشر لحلولها في البيئة الرقابية التجريبية للتكنولوجيا المالية، وجرى حتى الآن استقبال خمسة طلبات من الشركات الناشئة.
- تدشين مشروع (البيئة التجريبية الرقابية للتكنولوجيا المالية)، والتـي من خلالها ستتمكن المؤسسات المالية والمشروعات الناشئة وشركات التكنولوجيا المالية المحلية والعالمية من الاختبار الفعلي وتجربة مشاريعها المبتكرة والمدعومة بالتكنولوجيا الحديثة في بيئة آمنة من أجل طرح حلول مبتكرة في القطاع المصرفي والمالي، وتجدر الإشارة إلى أن البيئة التجريبية التشريعية أعلنت عن فتح باب استقبال الطلبات للدفعة الثانية من البيئة التجريبية الرقابية والمخصص لاستقبال الطلبات من البنوك؛ بهدف استخدام تقنية سلسلة الكتل؛ لتطوير عمليات التمويل التجاري في المصارف المرخصة، وفي هذا الشأن جرى:
- استكمال البحوث الأولية التي تخص جدوى استخدام تقنية سلسلة الكتل؛ لتطوير عمليات التمويل التجاري في المصارف المرخصة في السلطنة، بالتعاون مع عدد من المصارف المحلية.
- افتتاح المسار الثالث لاستقبال طلبات الشركات التي تقدم حلول تمويلية بديلة عن التقليدية.
- الترخيص لشركتين كمزودين لخدمات الدفع، هما Thawani Pay و OM Pay فضلا عن منح موافقة مبدئية لستة شركات متخصصة في تقديم خدمات الدفع؛ الأمر الذي سيساهم في تعزيز خدمات الدفع وتسهيلها للعملاء بتكلفة منخفضة.
- إيجاد إستراتيجية واجهة إدارة تطبيقات الخدمات المصرفية المفتوحة للقطاع المالي والمصرفي، وهي إحدى الابتكارات التقنية الحديثة في عالم المالية والمصارف، تُمكّن المصارف من مشاركة بيانات معينة -حسب ما تحدده التشريعات والسياسات التي يصدرها البنك المركزي العماني- مع طرف ثالث بشكل إلكتروني وآمن من خلال واجهة إدارة تطبيقات الخدمات API. يتوقع من هذه الواجهة أن تتيح مجالا أكبر لتقديم خدمات مصرفية ومالية جديدة مبتكرة لم تكن موجودة في السابق.
- إنشاء منصة (اعرف عميلك) عن طريق مركز عمان للمعلومات الائتمانية والمالية (ملاءة)، وتحت إشراف البنك المركزي العماني، وهي منصة إلكترونية وطنية موحدة تهدف إلى التعرف والتحقق من هوية العميل وتسجيله إلكترونيًا، وتضمن الربط مع الجهات الحكومية المعنية لتوفير خدمة البيانات والحقول المطلوبة بشكل إلكتروني. يتوقع من هذه المنصة تعزيز التحول الرقمي والشمول المالي الرقمي في القطاع المالي والمصرفي.
- يقوم البنك المركزي العماني بدراسة جدوى إطلاق العملة الرقمية وطريقة تفعيلها في السلطنة، من خلال التعاقد مع شركة استشارية لإجراء البحث والدراسة المطلوبة بحسب المتطلبات.
- الاهتمام بالتعليم والدراسات الأكاديمية في مجال التكنولوجيا المالية، من خلال :
- برنامج تعاون بين البنك المركزي العماني وكلية الدراسات المصرفية والمالية، يهدف إلى تدشين شهادة مختصة في التكنولوجيا المالية (Fintech Professional Diploma).
- برنامج تعاون بين البنك المركزي العماني وجامعة السلطان قابوس، يهدف إلى تبادل الخبرات العلمية والعملية في المجال الأكاديمي والتكنولوجيا المالية والابتكار المالي.
- برنامج (تواصل)، يهدف إلى زيادة الوعي المجتمعي في جوانب مختلفة، منها أسس التمويل المسؤول، وما يجب على العميل معرفته قبل اتخاذ قرار التمويل من ناحية شروط العقد ونسب الفائدة والرسوم ومدى حاجته لهذا التمويل، وبعض الطرق الشائعة للادخار.
- إصدار كتيب خاص بالتمويل المسؤول، يهدف إلى تعزيز الوعي والمعرفة لدى المستهلك المالي وأهمية التمهل في اتخاذ قرار الإقتراض. يشمل الكتبيب مواضيع عدة منها: دور البنك المركزي العماني في حماية مستهلكي الخدمات المالية، وقائمة المؤسسات التي تقدم القروض أو التمويل في السلطنة، وإرشادات قبل اتخاذ قرار الاقتراض، وبعض الطرق الشائعة للادخار وآلية تقديم الشكاوى.
- قام البنك المركزي العُماني بطرح أداة سوق النقد للاستثمار بالوكالة كأحد أدوات السيولة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، وذلك بهدف دعم جهود المؤسسات المصرفية الإسلامية المرخصة في إدارة السيولة بشكل فاعل، وتندرج هذه الأداة ضمن مجموعة أدوات إدارة السيولة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، والتي سيتم طرحها على عدة مراحل لإجراء العمليات النقدية المتمثلة في ضخ السيولة إلى القطاع المصرفي وامتصاص فائض السيولة من القطاع.