صاحب السيادة
إسحاق بن جمعة الخروصي، رئيس التحرير
على ضوء التعميم الذي نُشر في وسائل التواصل الاجتماعي بإلغاء الحد الأدنى للأجور المرتبط بالمؤهلات والآثار المترتبة عليه، فإن التعميم له عدة جوانب سلبية وجانب إيجابي واحد فقط، وهو توفير فرص عمل في مختلف المجالات بالحد الأدنى للأجور، ورفع نسب التعمين لدى شركات القطاع الخاص، وانخفاض أعداد الباحثين عن عمل، وهو ما تسعى من وراءه الجهة المختصة التي أصدرته من زيادة فرص العمل في القطاع الخاص لإظهار الإحصائيات الشهرية لتبيّن الأثر الإيجابي الذي أحدثه التعميم وانخفاض أعداد الباحثين عن عمل، وعدم الاكتراث للآثار السلبية التي سوف تترتب بشكل مباشر على الباحثين عن عمل وكذلك العاملين بالقطاع الخاص والمجتمع.
إن من أهم الآثار السلبية المستقبلية التي سوف يخلقها إلغاء الحد الأدنى للأجور المرتبط بالمؤهلات، هو عزوف أفراد المجتمع من الاستمرار في الدراسة والحصول على مؤهلات علمية بكافة درجاتها من شهادة التعليم العام وشهادة الدبلوم وشهادة البكالوريوس والشهادات العلمية العليا، لأن الحد الأدنى للأجور بالقطاع الخاص غير مرتبط بالمؤهلات الدراسة أو الشهادات العلمية، الأمر الذي سيؤدي إلى عدم التنافس والاجتهاد في التحصيل العلمي بالمدارس بمختلف مراحلها وقد يؤدي إلى تدني مخرجات التعليم بالسلطنة، وهي كارثة على المجتمع الذي سيصبح مجتمعًا غير مكترث بالتعليم والتنافس على الدرجات العليا في المستويات التعليمية.
كما إن إلغاء الحد الأدنى للأجور المرتبط بالمؤهلات سوف يتم استغلاله بصورة عكسية على العاملين بالقطاع الخاص مع الوقت من قبل بعض المنشآت، وذلك من خلال السعي إلى خفض تكلفة الأجور الجيدة إلى أجور منخفضة تصل إلى الحد الأدنى للأجور من خلال إعادة التفاوض مع العاملين على خفض الأجور والتعذر بالجائحة وآثارها أو الظروف الاقتصادية أو قلة المشاريع الحكومية والخاصة أو انتهائها، كوسيلة ضغط على العاملين والموافقة بخفض أجورهم الشهرية بما يلامس الحد الأدنى للأجور، أو استبدال
العامل في حالة عدم موافقته بآخر أقل أجرًا، لأن الشهادات العلمية والخبرات العملية ليست معيارًا حقيقيًّا، وأصبح العرض أكثر من الطلب، وتدنت المستويات التعليمية وقابلها زيادة في فرص العمل والرضوخ للقبول بأقل الأجور. قال تعالى في محكم كتابه العزيز: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ).
إنّ إلغاء الحد الأدنى للأجور المرتبط بالمؤهلات قضى على التنافسية في تكافؤ الفرص وفقًا للمؤهلات العلمية والعملية والحوافز والتشجيع على الانخراط في سوق العمل، وأصبح من التحديات العظيمة وأعادنا إلى نقطة الصفر، الأمر الذي يحتم علينا جميعًا مراجعة هذا القرار وإعادة النظر فيه بما يوائم مخرجات التعليم وسوق العمل وتطوراته ويتوافق مع رؤية عُمان 2040 ، وحتى لا نزرع فكر التخلي عن التعليم والتنافس على مقاعد الشهادات العلمية والدراسات العليا.