قضايا عماليةقضية العدد

 قرار إلغاء الحد الأدنى للأجور المرتبط بالشهادة

رشيد بن سليمان العامري، رئيس قسم الإعلام، الاتحاد العام لعمال سلطنة عُمان 

أثار التعميم الصادر عن وزارة العمل بتاريخ 21 سبتمبر 2020 بشأن إلغاء الحد الأدنى للأجور المرتبط بالشهادة (قرار الأجر السائد) والاكتفاء بالحد الأدنى للأجر البالغ 325 ريالاً بغض النظر عن شهادة الباحث عن عمل نقاشات واسعة وردود أفعال متباينة بين مؤيد له ومعارض.

مجلة سواعد نقابية اقتربت أكثر من الموضوع لتتطرق إلى آراء عدد من النقابيين والعاملين في القطاع الخاص حول إصدار هذا التعميم والآثار المترتبة عليه سواءً أكانت سلبية أم إيجابية، إضافةً إلى ذلك سيستعرض التحقيق وجهات نظر وتحليلات لكتاب واقتصاديين ومختصّين حول التعميم، وبعض الاجتماعات التي عقدتها بعض الجهات ذات العلاقة بعد إصدار التعميم والنتائج التي توصلت إليها.

الاتحاد العام تفاجأ بالتعميم

فور صدور التعميم صرّح نبهان بن أحمد البطاشي -رئيس مجلس إدارة الاتحاد العام لعمال السلطنة- لإذاعة الوصال قائلًا: “الاتحاد تفاجأ مثل الآخرين بتعميم إلغاء الحد الأدنى للأجور المرتبط بالشهادة والصادر من قبل وزارة العمل، موضحًا بأن التعميم يمس شريحة كبيرة من العمال، وكان من المفترض أن يأتي بمشاركة ثلاثية من قبل أطراف الإنتاج الثلاثة، مؤكدًا على أنه لن يخدم العمال، خاصة وأن ثلثي أصحاب العمل في سلطنة عُمان أو أكثرهم عبارة عن إدارة وافدة”.

هناك لجنة حوار اجتماعي ثلاثية معنية بمثل هذه القرارات

وأضاف نبهان البطاشي: “التعميم لم نُستشار فيه ولم نشارك في صياغته، وهناك لجنة احتواء حواري اجتماعي ثلاثية
معنيّة بمثل هذه القرارات، مشيرًا بأن التعميم جاء في وقت خاطئ، وهناك جوانب كثيرة من هذا التعميم كان من المفترض أن تتم معالجتها، وكان من المفترض أن يتم معالجة بعض الجوانب في سوق العمل ومن ثم إصدار مثل هذه القرارات إن كانت هناك ضرورة”.

وعقد مجلس إدارة الاتحاد العام لعمال السلطنة بتاريخ 23 سبتمبر 2020 اجتماعًا طارئًا لمناقشة تداعيات التعميم، يوضح تفاصيله المنشور أدناه:

ملف للمقام السامي بالقضايا والتحديات والجهات والقطاعات الاقتصادية والشركات المتسببة في تردي أوضاع القطاع الخاص

توضيحات سعادة الشيخ/ نصر بن عامر الحوسني – وكيل وزارة العمل – لوسائل الإعلام حول إصدار التعميم:

تصميم التوضيحات أدناه.

  • قرار إلغاء الحد الأدنى للأجور المرتبط بالشهادة يهدف لتحويل صفة العُماني من باحث عن عمل إلى مشتغل.
  • الوزارة تسعى لتسكين الباحثين عن عمل في وظائف، ويمكن لهم الانتقال والترقي في الوظائف بعد ذلك.
  • –           الخطوة ضمن حزمة من التغييرات في القريب العاجل التي ستضمن أن يكون هناك أجور جيدة، وتكلفة أفضل لصاحب العمل من أن يوظف الوافد.
  • التأخر لسنوات بعد التخرج في انتظار طويل، ليس في صالح الباحث عن عمل.
  • توفير فرصة عمل في هذا الوقت “الصعب من الاقتصاد” يبدأ من 350 أو 400 ريال عُماني هو الخيار الأنسب للباحث عن عمل يكتسب خلالها خبرة، عوضًا عن قضاء سنوات دون تشغيل.
  • أكثر الباحثين عن عمل المسجلين لدى الوزارة هم من حملة البكالوريوس والدبلوم وربط هذه المؤهلات بالأجور لن يسهل تسكينهم بوظائف.

حل مؤقت ولكن له آثار سلبية على المدى البعيد

ويقول الدكتور محمد الوردي – أكاديمي وخبير اقتصادي – في تصريح له لجريدة عُمان: “التعميم سيتيح للباحثين عن عمل فرصًا في منشآت القطاع الخاص بغض النظر عن مؤهلاتهم الجامعية، وهو حل مؤقت ولكن له آثار سلبية على المدى البعيد؛ إذ سيتمكن أصحاب الشركات من توظيف الباحثين عن عمل بالحد الأدنى للأجور وهي 325  ريالًا؛ نظرًا للظروف الاستثنائية التي يمرون بها وهي الآثار السلبية الناتجة  عن انتشار فيروس كورونا، وانخفاض أسعار النفط، مما يساهم بدوره في خفض التكاليف التشغيلية لهذه الشركات”.

يتعارض مع أهداف رؤية 2040

ويضيف الوردي: “إن التعميم قد لا يتوافق مع تطلعات الباحثين عن عمل؛ فبعد قضاء سنوات طويلة في الدراسة مليئة بالجد والاجتهاد سيحصلون على راتب بسيط أثناء توظيفهم في إحدى منشآت القطاع الخاص، وهذا الراتب دون مستوى خبراتهم وكفاءاتهم. كما سيقل رغبة الطلاب الموجودين حاليًا على مقاعد الدراسة وخاصةً الجامعية لطلب العلم واكتساب المهارات اللازمة المرتبطة في سوق العمل، كما سيثبط من عزيمتهم في مواصلة دراستهم العليا، وهو ما يتعارض مع أهداف رؤية 2040 المرتكزة على جعل السلطنة من ضمن أفضل 20 دولة في الابتكار، وخلق قوة بشرية متسلحة بالعلم والمعرفة، وتنويع مصادر الدخل القائم على المعرفة”.

توسيع الفجوة في المزايا بين القطاعين العام والخاص

ويكمل الوردي: “التوظيف القائم على العرض والطلب لا يمكن تطبيقه في الدول الريعية مثل دول المجلس بشكل عام؛ إذ أن ثلث سكان السلطنة من الأيدي العاملة الوافدة التي تنافس المواطنين على فرص العمل المتاحة. كما أن الدول المتقدمة التي تقوم على هذا المبدأ أي العرض والطلب تعتمد على القطاع الخاص بشكل أساسي، بينما في السلطنة الاعتماد على القطاع العام أو الحكومي؛ فرواتب الموظفين في القطاع الحكومي أعلى منها في القطاع الخاص، الأمر الذي بدوره يؤدي إلى عزوف الشباب عن العمل في القطاع الخاص، مؤكدًا أن هذا التعميم سيؤدي إلى توسيع الفجوة في المزايا بين القطاعين العام والخاص في الوقت الذي تعول فيه السلطنة على القطاع الخاص في التوظيف ودفع عجلة الاقتصاد الوطني”.

الآثار السلبية تفوق الإيجابية

ويقول رائد العجمي  -رئيس نقابة عمال الشركة العمانية لدرفلة الألمنيوم- :  “مما لا شك فيه أن رؤية عمان ٢٠٤٠ ومحاورها الرئيسية المتمثلة في الإنسان والمجتمع والاقتصاد والتنمية والحكومة والأداء المؤسسي، ما هي إلا أركان تُثري وتساهم في تطوير الوضع المستقبلي لبناء الغد المشرق لكل مواطن  عُماني؛ في حين أن التعميم الصادر  عن وزارة العمل بشأن إلغاء قرار الحد الأدنى للأجور المرتبط بالشهادة العلمية طغى عليه آثاره السلبية أكثر بمراحل عن الجوانب الإيجابية التي تحدث عنها  مُشرّعو هذا التعميم الجديد الذي يتنافى مع ركيزة تطوير الكفاءات والقدرات الوطنية في محور الإنسان والمجتمع، والتي تهدف إلى بناء قدرات المواطنين وإعدادهم بقدرٍ عالٍ من الكفاءة العلمية والعملية”.

إلغاء الحد الأدنى للأجور صدمة للباحثين عن عمل

ويضيف رائد العجمي: “الجانب الإيجابي الوحيد من التعميم هو أن الشركات لن تضع أعذارًا جديدة للحيلولة دون استيعاب الباحثين عن  عمل؛ بذريعة ارتباط المؤهل الدراسي بحد أدنى للراتب، لكن سلبياته جاء في طليعتها رسالة صريحة ومباشرة عن عدم وجود أهمية للتعليم والدراسات العليا، وهو ما يتعارض جملةً  وتفصيلًا مع تطلعات رؤية عمان  2040؛ إذ إن الأمم لا يمكن أن تتقدم دون أن تُقدر العلم وتشجع الأجيال عليه، أضف الى ذلك إن الباحثين عن عمل الذين قضوا سنوات طويلة في انتظار فرصة تُتاح لهم لبدء حياتهم المهنية ينصدمون الآن براتب قد لا يتجاوز ٣٢٥  ريالا مهما كان المؤهل الدراسي”.

متابعة أصحاب العمل

ويوضح العجمي: “إن لم يكن هناك أمل للعدول عن هذا التعميم؛ يجب متابعة أصحاب العمل لإعداد خطط واضحة لتأهيل الموظف عند إبرام العقد ووضع خارطة طريق واضحة لمستقبله، وربط ذلك بشكل مباشر بمؤشر أدائه؛ حتى لا يبقى هذا الراتب الضعيف شبحًا يلاحق شبابنا دون أي حسيب أو رقيب على أصحاب العمل”.

ذريعة لتسلط أصحاب العمل على العمال

ويختتم العجمي: ” التعميم يصب في مصلحة أصحاب العمل بشكل أكبر، وسيكون ذريعة للتسلط ووسيلة للضغط على شبابنا للقبول بالراتب الضعيف، مشيرًا إلى أنه كان من الأولى على صُناع التعميم في وزارة العمل البدء بخطط إحلال وتأهيل حقيقية في القطاع الخاص ثم اللجوء إلى قرارات كهذه “.

ويؤكد محمد بن حسن العنسي -رئيس لجنة تنمية الموارد البشرية وسوق العمل بغرفة تجارة وصناعة عُمان – وفق ما نشرته جريدة الرؤية، على حق الخريجين في الحصول على رواتب تُحقق لهم الحياة التي يستحقونها بعد أن درسوا وتعبوا، لكن في نفس الوقت فإنِّه من الأهمية بإمكان أن يكون هناك تقدير لمُعادلة عدد الفرص الوظيفية المتاحة في القطاع الخاص والمصاريف التشغيلية مقارنة مع عدد الخريجين، وحتى يتمكن القطاع الخاص من استيعاب المزيد من الأعداد من الجامعيين، مشيرًا إلى أن هناك بالفعل استيعاب أكبر للمواطنين من حاملي شهادة الدبلوم أكثر من  الجامعيين؛ لعدم وجود شرط الـ600 ريال.

خطوة نحو تطوير عقد العمل

ويضيف العنسي  قائلًا: “إنَّ القطاع الخاص متفائل بأن تكون هناك خطوة نحو تطوير عقد العمل بحيث يبنى على فكرة توثيق حقوق متكافئة لطرفي العمل: الباحث عن عمل من جهة حقوقه وواجباته عند التعيين، وصاحب العمل أيضًا وما يُحقق له مصالح عمله وسير العمل بسلاسة، موضحًا أهمية أن يأخذ العقد في عين الاعتبار أساسيات تتضمن المرونة المطلوبة للتعامل مع الظروف  الاقتصادية؛ فيمكن أن يتضمن شروطًا للراتب بحيث يتصاعد مع زيادة الخبرة”.

إجحاف في حق العاملين والباحثين عن عمل

ويقول جمعة البريكي -رئيس نقابة عمال شركة الجبر تالكي- :  “من وجهة نظري  الشخصية أنّ تعميم وزارة العمل يعتبر  إجحافا في حق العاملين بمؤسسات القطاع الخاص “عامة” والباحثين عن عمل من حملة الشهادات العليا “خاصة”، وهو بذلك ينسف القرار الوزاري رقم (72/2014) والذي يُعنى بالحوار الاجتماعي الثلاثي وإشراك كافة الأطراف ذات العلاقة في مثل هذه القرارات، ويهدف لتحقيق التوازن والانسجام بين العاملين وأصحاب العمل”.

أين تفعيل الحوار الاجتماعي بين أطراف الإنتاج؟

ويؤكد جمعة البريكي على أهمية تفعيل الحوار الاجتماعي الجاد بين أطراف الإنتاج الثلاثة في كل ما يخص العمال ويلامس قضاياهم، والتوافق في سن تشريعات ولوائح تُشجع الشباب للانخراط في العمل بالقطاع الخاص بما يتوائم مع رؤية عُمان ٢٠٤٠، إضافةً إلى الإسراع في إصدار القانون العمل الجديد الذي تم التوقيع عليه من قبل أطراف الإنتاج الثلاثة في الأول من مايو  لعام 2014، ولم يرَ النور حتى الآن أو مراجعة قانون العمل العُماني الحالي وإعادة صياغته بما يتماشى مع متطلبات المرحلة الحالية، علاوةً على التسريع في إنشاء المحاكم العمالية المختصّة في القضايا العمالية، والمراجعة الشاملة لقانون التأمينات الاجتماعية”.

تخوف من استغلال أصحاب العمل

ويضيف جمعة: “التعميم أثّار ردة فعل سلبية من قبل الكثير من العاملين في مؤسسات القطاع الخاص، لعل تفسيرها الأهم هو تخوفهم من استغلال بعض أصحاب العمل لهذا التعميم لمصالهم الشخصية دون مراعاة وضع العامل المادي والاجتماعي، وهذا ما حدث بالفعل بعد صدور التعميم من خلال التسريحات العمالية الجماعية غير المبررة”.

طريقة صياغة التعميم ساهمت في غموض الهدف منه

وأشار حمود بن علي الطوقي  -كاتب صحفي-    في تغريدة له عبر حسابه على منصة التواصل الاجتماعي “تويتر” إلى أنه يتعين أن يُدفع الحد الأدنى للأجر – الذي حددته وزارة العمل في التعميم الصادر- لحملة الشهادات الجامعية كمكافأة تدريب، وليس كراتب، وذلك لمدة سنة كحد أدنى، ويتجدد حسب رغبة الطرفين، مضيفًا أن طريقة صياغة التعميم ساهمت في غموض الهدف منه، فلو اكتفى التعميم بالقول إنَّ الوزارة سوف تقوم باعتماد عقود العمل  طبقا لإرادة طرفيها، ومن ثم اعتماد ما تتفق عليه إرادة العاقدين للأجر الشهري دون ربط التعميم بالشهادة الجامعية، لكان الوضع  أفضل؛ فالكل يتفق أنَّ الشهادة الجامعية تبقى مكانتها عالية ومحل تقدير واحترام.

ويقول حافظ بن صالح البوسعيدي -تنفيذي مبيعات بشركة نفط عُمان للتسويق-: “الفترة التي نمر بها من أصعب الفترات والتي فرضتها علينا جميعًا جائحة كورنا، ولكن علينا أن نكمل بناء من سبقونا، ونضع نصب أعيننا أنه لا تفريط في قيمة العلم والشهادات العليا التي حث عليها جليّا باني نهضة عُمان الحديثة -طيب الله ثراه- والتي اجتهد عليها أصحابها، ومنهم من تكفلت أسرته وذووه بتدبير مصاريف الدارسة رغبةً منهم في نيل وظيفة مشرّفة تعوضهم عمّا بذلوه وقدموه ليغنموا بالحصاد فلن يغنموه بثمن بخس”.

كان من المجدي أن يكون التعميم داخليًا

ويضيف حافظ: “كان من المجدي لنا جميعًا أن يكون التعميم داخليّا فقط حسب رغبة الباحث ورضاه بكسب الوظيفة ليثبت لاحقًا مهارته وقدرته ويتطور تدريجيّا”.

عزوف عن العمل في القطاع الخاص

ويكمل البوسعيدي: “إن الآثار السلبية من إصدار التعميم قضت على كل إيجابية؛ فالباحثون عن عمل -وإن قبلوا بالحد الأدنى للأجر في بادئ الأمر- سيتذمرون ولو بعد حين، وآخرون سيعزفون عن التسجيل في فرص عمل بالقطاع الخاص ظنًا وأملاً منهم في الحصول على شواغر حكومية خاصةً بعد خروج الكثير من موظفي القطاع العام للتقاعد”.

حلول

ويتطرق البوسعيدي إلى بعض الحلول في هذا الجانب وهي مواءمة التخصصات مع احتياجات سوق العمل، والانتقال من التعليم النظري إلى التعليم العملي؛ لتفادي قضية الخبرة التي  تتطلبها بعض مؤسسات القطاع الخاص، إضافةً إلى تطبيق التعمين من رأس الهرم نزولاً إلى قاعدته وليس العكس.

الباحثون عن عمل والجامعيون إلى أين؟

أحمد -أحد الباحثين عن عمل-:  “قضيت سنين طويلة في الدراسة الجامعية رغم الظروف المحيطة بي والتي كانت تجبرني في بعض الأحيان إلى العمل وقت المساء في إحدى المحلات التجارية كمحاسب بالأجر اليومي لأتمكن من تسديد مستحقات وتكاليف الدراسة، وتخرجت ولله الحمد بعد عناء طويل، ودخلت بعدها في دوامة البحث عن عمل ولم  أحظَ بفرصة للعمل حتى الآن، وما زاد الطين بِلة صدور تعميم وزارة العمل حول إلغاء الحد الأدنى للأجور المرتبط بالشهادة الذي لم يضع للمؤهلات العلمية قيمة ومكانة، فهل يُعقل أن يُساوى بين شهادات الدبلوم العام والبكالوريوس والماجستير  والدكتوراة في كفة واحدة؟”.

ويضيف أحمد: “لا أعتقد أن التعميم مناسب بل محبط للباحثين عن عمل – بشكل عام – والطلبة الجامعيين – بشكل خاص- ؛ فأحد المواقف التي شهدتها بنفسي حديث أحد الزملاء من الطلبة الجامعيين وهو يقول: “أبحث حاليّا عن وظيفة عمل” وبعد ما سألته عن السبب، كانت إجابته: قرأت في وسائل التواصل الاجتماعي عن إصدار تعميم إلغاء الحد الأدنى للأجور المرتبط  بالشهادة؛ فما الفائدة في هدر السنين؟ وغيرها من القصص الأخرى التي صادفتها – بعد إصدار التعميم – عن الجامعيين وهم على مقاعدهم الدراسية يبحثون عن فرصة عمل للالتحاق بها  خوفًا من المستقبل”.

وعُقِد يوم الأحد الموافق 27 سبتمبر 2020 اجتماعًا بين مجلس الشورى والاتحاد العام لعمال السلطنة بهدف التشاور والتباحث بين الطرفين حول التعميم الصادر عن وزارة العمل. ImageImage                                  وعن الاجتماع قال إسحاق بن جمعة الخروصي – نائب رئيس مجلس إدارة الاتحاد العام لعمال السلطنة – في لقاءٍ له عبر إذاعة الشبيبة: “تم الاتفاق مع مجلس الشورى على رفع مذكرة طلب لوزارة العمل لتجميد التعميم، ونرجو من الوزارة التجاوب مع الطلب وتجميده إلى حين الجلوس على طاولة الحوار”.  

فرض ضرائب على القوى العاملة الوافدة

وتختلف وجهة نظر عامر أمبوسعيدي -رئيس نقابة عمال شركة تنمية نفط عُمان-:  “لا  أتفق مع أن يتم تحديد الحد الأدنى للأجور من قبل الجهة المختصّة تمامًا؛ بل أُفضِل أن يتم فتح المجال للسوق لتحديد ذلك بناءً على كفاءة ومهارة وعطاء  العامل؛ لذا أقترح إلغاء الحد الأدنى للأجور مع فرض ضرائب على القوى العاملة الوافدة؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر،  عندما يقوم صاحب العمل باستجلاب عامل وافد يمتلك خبرة في مجال  أو مهنة معينة يتم فرض ضريبة عليه نتيجة جلبه لهذه  الخبرة؛ وبالتالي يضطر هنا إلى توظيف القوى العاملة الوطنية  تفاديّا لتكاليف الضريبة وتدريبه وتأهيله لشغل هذه الوظيفة”. ويضيف عامر: “تعميم وزارة العمل يصب في مصلحة أصحاب العمل، وستتخذه بعض الشركات ذريعة لتخفيض أجور العمال سواءً أكان العاملون لديها أم العمال الجدد الذين سيتم تعيينهم”.

سلاح ذو حدين

ويُعبر  إبراهيم العلوي -عامل بشركة إنكا للإنشاءات والصناعة-  عن رأيه قائلاً: “التعميم سلاح ذو  حدين؛ ففي حال تم التعامل معه من قبل الشركات بحسن نيّة وإدراك لأهدافه الإيجابية، نستطيع الحديث عنه بأنه إيجابي، وهنا  أذكر على سبيل المثال من خلال اطلاعي على بعض الحالات منها الشباب الذين لديهم تخصصات نادرة  التوفر في سوق العمل كعلوم الاجتماع وعلوم النفس  وغيرها؛ وبالتالي ينتظرون إلى حين حصولهم على الوظيفة المناسبة، مما يضطرون للالتحاق بالعمل في القطاع الخاص بأي وظيفة ومقابل أجر ضعيف لتغطية احتياجاتهم الأساسية  فضلًا عن البقاء بدون  وظيفة؛ إذ كان التحدي في تلك الفترة هو التسجيل في وزارة العمل فالنظام لا يسمح بذلك. ومع صدور هذا التعميم، فُتِح المجال للالتحاق بمثل هذه الوظائف وبالأجر الذي يتفق عليهالطرفان؛ فهذه نقطة إيجابية نستطيع الإشارة إليها”.

  • تم الاستعجال في إصداره ويحتاج إلى مزيد من الدراسة
  • يجب وضع ضوابط وآليات تنظيمية واضحة للتعميم

 ويكمل إبراهيم العلوي: “من جانب آخر، بعض الشركات خاصةً تلك التي تُدار من قبل القوى العاملة الوافدة ستتخذ التعميم ذريعة، وتخلق منه ثغرات لانتهاك حقوق العمال سواءً أكان في تخفيض أجورهم أو حتى تسريحهم من العمل؛ وبالتالي يجب وضع ضوابط وآليات تنظيمية واضحة للتعميم، وإلا سيستغل من قبل بعض الشركات، مشيرًا إلى أن الموضوع تم الاستعجال في إصداره ويحتاج مزيدًا من الدراسة.

خلاصة للتحقيق، ومن خلال الآراء والمشاركات المطروحة، يتضح أن معظمها تؤيد إلغاء التعميم، وترى أن الآثار السلبية المترتبة عليه أكثر من الإيجابية؛ لعِدة أسباب ومعطيات، يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

تصميم النقاط:

  1. لم يأتِ التعميم بمشاركة ثلاثية من قبل أطراف الإنتاج الثلاثة، ولن يخدم العمال خاصة وأن ثلثي أصحاب العمل في السلطنة أو أكثرهم عبارة عن إدارة وافدة.
  2. من المفترض أن يتم معالجة بعض الجوانب في سوق العمل ومن ثم إصدار مثل هذه القرارات إن كانت هناك ضرورة.
  3. 3-    التعميم لا يتوافق مع تطلعات  الباحثين عن  عمل؛ فبعد قضاء سنوات طويلة في الدراسة سيحصلون على راتب بسيط أثناء توظيفهم في إحدى منشآت القطاع الخاص، وهذا الراتب دون مستوى خبراتهم وكفاءاتهم.
  4. سيقلل  رغبة الطلاب الموجودين  حاليّا على مقاعد الدراسة وخاصة الجامعية لطلب العلم واكتساب المهارات اللازمة المرتبطة بسوق العمل، كما سيثبط من عزيمتهم في مواصلة دراستهم العليا.
  5. يتعارض مع أهداف رؤية 2040 المرتكزة على جعل السلطنة من ضمن أفضل 20 دولة في الابتكار، وخلق قوة بشرية متسلحة بالعلم والمعرفة، وتنويع مصادر الدخل القائم على المعرفة.
  6. التعميم سيؤدي إلى توسيع الفجوة في المزايا بين القطاعين العام والخاص، في الوقت الذي تعول فيه السلطنة على القطاع الخاص في التوظيف ودفع عجلة الاقتصاد الوطني.
  7. التعميم يصب في مصلحة أصحاب العمل بشكل أكبر، وسيكون ذريعة للتسلط على العمال وتخفيض أجورهم، ووسيلة للضغط على المقبلين على سوق العمل للقبول بالراتب الضعيف.
  8. عدم وضع ضوابط وآليات تنظيمية واضحة للتعميم.
  9. 9-    سيساهم التعميم في عزوف الباحثين عن عمل عن الانخراط في القطاع الخاص، وانتظار العمل في القطاع الحكومي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى