مقالات أخرى

أهمية مواكبة التطورات العالمية في قضايا المناخ لضمان انتقال عادل، وتوفير بيئة عمل آمنة ومستقرة للعمال

سعادة الدكتور عبد الله بن علي العمري، رئيس هيئة البيئة

تبذل سلطنة عُمان -ممثلة بهيئة البيئة والمؤسسات الوطنية الأخرى- جهودا كبيرة على الصعيد الوطني استجابة للتوجهات العالمية في الحفاظ على البيئة واستدامة الموارد الطبيعية والتخفيف والتكيف مع المتغيرات المناخية، من خلال البرامج والمبادرات والمشاريع البيئية والتنموية المرتبطة بأهداف رؤية عُمان ٢٠٤٠، لا سيما تلك المرتبطة بأولوية البيئة والموارد الطبيعية.

كما يتم العمل بتكاتف الجهود الوطنية والتعاون مع المنظمات الدولية المعنية على تحسين تصنيف سلطنة عُمان في المؤشرات الدولية، ومنها مؤشر الأداء البيئي من خلال تنفيذ المشاريع المرتبطة بهذه المؤشرات وإتاحة البيانات ونشر الأبحاث والدراسات ودعم التكنولوجيا والتقنيات الحديثة الخضراء، وذلك فيما يتعلق بصون الثروات الأحيائية والنظم البيئية، والتخفيف من الانبعاثات الكربونية وغازات الاحتباس الحراري والحفاظ على جودة الهواء والنظافة العامة والتحول للطاقة النظيفة والمتجددة؛ سعيا للتصدي والتخفيف من الآثار البيئية المحتملة على البيئة والإنسان والعامل العماني، وفي مقدمتها ارتفاع درجات الحرارة، والتصحر وفقدان الموائل والتلوث، والتأثيرات الاجتماعية والصحية بما لها من ارتباط مباشر على سوق العمل والاستثمار والتنمية الاجتماعية.

تعتبر طبقة الأوزون إحدى الطبقات العليا للغلاف الجوي وهي تحمي كوكب الأرض من الأشعة فوق البنفسجية الضارة للإنسان والكائنات الحية النباتية والحيوانات، وقد أظهرت نتائج الدراسات العلمية من قبل المنظمات الدولية منذ تسعينيات القرن الماضي وجود خلل واستنفاد لطبقة الأوزون العليا بالغلاف الجوي نتيجة الأنشطة البشرية، وبخاصة استخدام مركبات الكلوروفلورو كربونات ووسائطها، وغيرها من المركبات المستنفدة لطبقة الأوزون في الأغراض المنزلية والتجارية والصناعية؛ وعليه فقد أقر المجتمع الدولي عدة اتفاقيات دولية لحماية طبقة الأوزون، منها اتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون، وبروتوكول مونتريال بشأن المواد المستنفدة لطبقة الأوزون وتعديلاته في كل من لندن وكوبنهاجن ومونتريال وبكين، والتي صادقت عليها سلطنة عُمان منذ عدة عقود بموجب مراسيم سلطانية سامية.

وبعد مصادقة سلطنة عُمان على تلك الاتفاقيات الدولية المعنية بحماية طبقة الأوزون فقد صُنفت ضمن دول المادة الخامسة من البروتوكول التي تتعلق بالدول النامية التي يقل فيها استهلاك المواد المستنفدة لطبقة الأوزون عن ٠,٣ كيلوجرام للفرد الواحد.

وقد قامت سلطنة عُمان منذ تلك العقود بإعداد عدة سياسات وإستراتيجيات وخطط وطنية وبرامج رقابية وتنفيذها، وأصدرت التشريعات اللازمة للتحكم في المواد المستنفدة لطبقة الأوزون والتعاون مع المنظمات الدولية في ذلك؛ إذ تمكنت خلالها من تحقيق متطلبات الامتثال بوقف استخدام أهم المواد المستنفدة لطبقة الأوزون وخفضه في سلطنة عُمان؛ إذ وصلت الكمية المستهلكة إلى الصفر مع بداية عام ٢٠١٠ بالنسبة إلى مواد الهالونات والكلوروفلوروكاربونات، وكذلك بالنسبة لمادة بروميد الميثيل، اعتبارًا من بداية عام ٢٠١٥.

أما بالنسبة لمواد الهيدروكلوروفلوروكاربونات التي حدد لها بروتوكول مونتریال جدولا للخفض التدريجي يبدأ بتجميد الاستهلاك اعتبارًا من عام ٢٠١٣، وينتهي بالتخلص الكامل منها مع بداية عام ٢٠٣٠، فقد قامت سلطنة عُمان باتخاذ العديد من البرامج والإجراءات التي مكنتها من تحقيق متطلبات الخفض المنصوص عليها في البروتوكول حتى الآن، مثل توزيع حصص الاستيراد على جميع المواد المستوردة، لتحقيق التخفيض التدريجي من تلك المواد.

البرنامج الوطني للحياد الصفري

بمباركة سامية من لدن مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- أُعلن في أكتوبر عام ٢٠٢٢ عن التوجه الإستراتيجي لسلطنة عُمان للوصول إلى الحياد الصفري بحلول عام ٢٠٥٠.

كما قامت سلطنة عُمان بتضمين الإستراتيجية الوطنية للانتقال المنظم إلى الحياد الصفري ضمن قائمة الدول في منظمة الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ؛ إذ يجري العمل من خلال البرنامج الوطني للحياد الصفري على تنفيذ الإستراتيجية الوطنية والمرتكزات والمشاريع للقطاعات الرئيسية ومتابعتها، وأبرزها: قطاع المدن والمباني، وقطاع النقل، وقطاع الصناعة وقطاع الطاقة للنفط والغاز والكهرباء.

كما يعرف الحياد الصفري بأنه السعي لتحقيق التوازن بين كميات الانبعاثات المطلقة إلى الغلاف الجوي مقارنة بكمية الخفض للوصول للهدف الصفري، ويجري العمل في سلطنة عُمان على تطبيق المسار عبر المبادئ التوجيهية للانتقال المنظم المتوازن، وتمكين سبل الاستدامة البيئية.

المشاركة في مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 28)

تشارك سلطنة عُمان -ممثلة بالفريق التفاوضي- في القمة العالمية للعمل المناخي ومؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ (كوب 28)، المزمع عقدهما في شهر نوفمبر القادم بدولة الإمارات العربية المتحدة؛ لبحث تأثيرات التغيرات المناخية على النظم البيئية والمناخية والإيكولوجية ومتابعة الجهود الدولية في بروتوكول كيوتو واتفاقية باريس.

يعد المؤتمر فرصة مهمة لإبراز جهود سلطنة عُمان المشتركة مع أشقائنا في دول مجلس التعاون الخليجي ودول العالم لتوحيد الجهود العالمية لبحث قضايا المناخ المختلفة، والتقليل من انبعاثات الكربون والاحتباس الحراري، والتفاوض من أجل إنشاء مشاريع استثمارية في المناخ والاقتصاد المستدام.

ختامًا نؤكد أن سلطنة عمان ماضية في تحقيق مستهدفاتها للحفاظ على البيئة واستدامة الموارد الطبيعية والاستجابة والتصدي للتغيرات المناخية، وهنا ندعو الأفراد والمؤسسات للتكاتف وبذل المزيد لنشر العلم والمعرفة والتوعية بأهمية هذه الجهود والتكاملية سعيا لتحقيق المستهدفات الوطنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى