الفترة العاشرة لانتخابات أعضاء مجلس الشورى
نبهان بن أحمد البطاشي، رئيس مجلس إدارة الاتحاد العام لعمال سلطنة عُمان
إن الممارسات القائمة على الشورى والمشاركة في صنع القرارات والتشريعات والنظم -وإن اختلفت أشكالها ومستوياتها- ليست بالجديدة على المجتمع العماني؛ إذ يشهد التاريخ على عراقة مبدأ الشورى في المجتمع العماني -على اختلاف عصوره وأنظمته السياسية- وعلى أصالته المستمدة من تعاليم الشريعة الإسلامية السمحة.
وقد شهدت سلطنة عُمان في العصر الحديث نقلة مهمة في مجال العمل الديمقراطي بصدور المرسوم السلطاني رقم (94/1991) بإنشاء مجلس الشورى الذي يعكس الإرادة السامية لجلالة السلطان للرقي بالمنظومة المؤسسية في البلاد بما يليق بالدولة العصرية من كفاءة وتمكين للتعاطي الفعال مع الواقع الحاضر بملابساته وقضاياه ومستجداته المتسارعة، وضمان مشاركة المواطنين في عملية التنمية ومخاطبة السلطات من خلال المجلس.
وقد أصبح اليوم مجلس الشورى مع توسع صلاحياته واختصاصاته التشريعية والرقابية شريكًا اجتماعيًا أسياسيًا، له الدور المهم في مراجعة مشروعات القوانين، ومشروعات خطط التنمية والميزانية العامة، ومشروعات الاتفاقيات الاقتصادية والاجتماعية وإقرارها، فضلًا عن تقديم مختلف المقترحات والتوصيات لدراستها من قبل الحكومة، وقد كانت أبرز تلك المشروعات التي تحققت مؤخرًا على أرض الواقع العمالي مشروعا قانون العمل وقانون الحماية الاجتماعية اللذان بلا شك سيساهمان في تقليص الفوارق والمزايا بين القطاعين العام والخاص، وتغطية جميع الفئات التي تحتاج لحماية اجتماعية بما يضمن شمولية التغطية واستدامتها.
إن من أهم ما يميز انتخابات أعضاء مجلس الشورى للفترة العاشرة هو اعتماد نظام التصويت الإلكتروني داخل سلطنة عُمان وخارجها لأول مرة في تاريخ مجلس الشورى، والذي أقره قانون انتخاب أعضاء مجلس الشورى الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (54/2023)؛ الأمر الذي سيتيح لشريحة كبيرة من المواطنين وبالأخص العاملين في المناطق النائية عن المقار الانتخابية أو أولائك الذين يعملون في وظائف أو مهن ذات طبيعة خاصة كالتي تقوم على نظام العمل بالمناوبة مجالًا للإدلاء بأصواتهم.
إننا في الاتحاد العام لعمال سلطنة عُمان نؤمن إيمانًا لا يشوبه شك أن الحوار والتشاور وتدعيم المسار التشاركي سواءً أكان بين هياكلنا النقابية المختلفة ومنتسبيها وبينها وبين أصحاب العمل أم على المستوى الوطني بين أطراف الإنتاج الثلاثة بالسلطنة (وزارة العمل، وغرفة تجارة وصناعة عُمان، والاتحاد العام لعمال سلطنة عُمان) لهي الوسائل الأنجع لتخطي العقبات وتبني رؤى مشتركة تضمن توحيد الجهود أولًا، ومن ثم تحقيق التوازن والانسجام بين مصالح كل الأطراف، ليتجلى ذلك بشكل فاعل في تحسين بيئة العمل في القطاع الخاص وجعلها بيئة جاذبة للقوى العاملة العُمانية، ويعزز الجهد الوطني لبلوغ التنمية الشاملة والمستدامة، ويتكامل مع جهود مجلس الشورى التي تنصب في السياق الوطني ذاته.
إن مشاركة العمال في انتخابات مجلس الشورى والتزامهم بذلك يضمن كفاءة التمثيل، ويعزز من تبني فرصٍ أوسع لبحث التحديات التي تواجه العاملين بمختلف بيئات العمل، ويضمن خلق قنوات تواصل وحوار فعال، ويعتبر وسيلة إضافية لتمكين العاملين من خلال انتخاب من يرونه مناسبًا من ذوي الخبرة والكفاءة لتمثيلهم بالمجلس، وتبني قضايا العمل ذات الجوانب الاقتصادية والاجتماعية.
لقد كان لمجلس الشورى في الفترة التاسعة -التي شهدت تطورات وأحداث محلية وعالمية استثنائية- مساهمة فاعلة في العديد من مشروعات القوانين والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بالمجال العمالي، ونأمل من المجلس في الفترة القادمة بما لديه من أدوات، وتناغم مع الاتحاد العام لعمال سلطنة عُمان، وتفاعل مع قضايا العمل والعمال، أن يكون له دور فاعل في معالجة بعض القضايا الحساسة في الوقت الراهن.
ونحن على أعتاب موعد التصويت لانتخاب مجلس الشورى للفترة العاشرة نود أن نؤكد على المضامين المتعلقة بالعمل، والقضايا المهمة، مثل إيجاد فرص العمل العادلة والمنتجة، والتأهيل الوظيفي للعامل لشغل الوظائف العليا بالمؤسسات، والحد الأدنى للأجور، وتنويع فرص العمل، وتشغيل الباحثين عن العمل، والحد من التأثيرات الاقتصادية على العمال، وتعزيز حماية ذوي الدخل المنخفض ضمن سياسات الدعم الوطني والنظام الضريبي، كما ندعو جميع العاملين بالقطاع الخاص لانتهاز هذه الفرصة من خلال المبادرة إلى التصويت لمن يجدون فيه القدر المناسب من الجدارة والمسؤولية في الدفع بمسيرة التنمية الوطنية التي يقودها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق، حفظه الله ورعاه.