حوار عمل

العديد من العمانيين يشغلون الوظائف القيادية بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم

معالي يحيى بن سعيد الجابري، رئيس مجلس إدارة هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم

بداية وكما هو معلوم فقد تأسست هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم بموجب المرسوم السلطاني رقم ( ١١٩/ ٢٠١١ ) وهي هيئة حكومية، تناط بها مسؤولية تطوير وإدارة المنطقة الاقتصادية، كما صدر المرسوم السلطاني  رقم ( ٧٩/٢٠١٣ ) بإصدار نظام المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم. معاليكم هل لكم أن تحدثونا عن الخصوصية التي أتاحتها التشريعات الوطنية للهيئة وساهمت في تسريع وتيرة الاستثمار في المنطقة؟

يتضمن نظام المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم الصادر بالمرسوم السلطاني رقم  (٧٩/٢٠١٣) العديد من الحوافز والمزايا التي تجتذب المستثمرين وتوفر البيئة المناسبة للاستثمار بالمنطقة كالإعفاءات الضريبية، والسماح بالتملك الأجنبي للمشروعات بنسبة 100 %، والإعفاء من شرط الحد الأدنى لرأس المال المستثمر المنصوص عليه في قانون الشركات التجارية والقوانين الأخرى، والإعفاء من أي قيود على جلب وتداول وتحويل العملات الأجنبية، كما أن المشروعات التي يتم تنفيذها بالمنطقة لا تخضع لأي قيود على تحويل رأسمالها المستثمر وأرباحها خارج المنطقة، ويكون الاستثمار في المنطقة وفق نظام حق الانتفاع وقد أجاز المرسوم السلطاني أن يمتد حق الانتفاع إلى 50 سنة قابلة للتجديد لمدد مماثلة. كذلك فإن الهيئة تقدم خدماتها إلى المستثمرين من خلال محطة واحدة يتم من خلالها إصدار جميع التراخيص والتصاريح والموافقات والتأشيرات، وإتمام قيد المشروعات وتطبيق جميع القواعد والنظم الخاصة بالمنطقة واللوائح والقرارات الصادرة من الهيئة.

وقد منح المرسوم السلطاني رقم ( ٧٩/٢٠١٣) الهيئة صلاحيات تسجيل المشروعات داخل حدود المنطقة وفقا لقانون السجل التجاري، والقيد في السجل الصناعي، وإصدار التراخيص اللازمة للمشروعات السياحية، وإصدار التصاريح البيئية للمشروعات واتخاذ التدابير البيئية اللازمة لتطبيق قوانين حماية البيئة ومكافحة التلوث، كما منح المرسوم السلطاني المشار إليه الهيئة اختصاصات الوحدات الحكومية المعنية بتطبيق قوانين العمل والتعدين وسلامة الغذاء داخل حدود المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، وقد أكد المرسوم السلطاني ضرورة إصدار تراخيص القوى العاملة الأجنبية في مدة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من تاريخ تقديم الطلبات.

وبالإضافة إلى هذا استثنى المرسوم السلطاني رقم (٢٠١١/ ١١٩) الهيئة من الخضوع لقانون المناقصات الأمر الذي ساهم في تسريع إسناد مشاريع البنية الأساسية.

هذه التشريعات بالإضافة إلى موقع المنطقة على خطوط الملاحة العالمية وعلى بحر العرب المفتوح على المحيط الهندي ساهمت في زيادة الإقبال على الاستثمار في المنطقة سواء من السلطنة أو الخارج.

حدثنا معاليكم عن نسب التعمين في الشركات العاملة بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم بشكل عام والوظائف القيادية على وجه التحديد. وهل توجد خطة إحلال مستدامة تعملون عليها؟

تم تحديد نسبة التعمين في مشروعات المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم بـ % 10 في جميع الأنشطة الاقتصادية، وقد تجاوزت العديد من الشركات هذه النسبة لتبلغ نسبة التعمين الإجمالية المحققة في مشروعات المنطقة % 18.2 وتشمل جميع المهن بما فيها الهندسية والفنية والإشرافية، وهناك العديد من الكوادر العمانية التي تشغل وظائف قيادية في الشركات العاملة في الدقم كشركة عمان للحوض الجاف وشركة ميناء الدقم والمشروعات السياحية القائمة وغيرها من المشاريع الأخرى.

أما بالنسبة لخطة الإحلال فإن الهيئة تنظر إلى التعمين باعتباره مشروعا وطنيا، وبالتالي تبنت في وقت مبكر من إنشائها مشروعا لتعمين الوظائف الفنية التخصصية من خلال عدد من البرامج من بينها تمويل 28  بعثة داخلية لدراسة البكالوريوس في الجامعات والكليات الخاصة داخل السلطنة، كما قامت بالتعاون مع شركة وان فانج الصينية بابتعاث 67 طالبا للدراسة في كلية نينغشيا بوليتكنيك بمدينة ينشوان الصينية، وقد أكملت الدفعة الأولى دراستها في منتصف العام الماضي، فيما بدأت الدفعة الثانية الدراسة خلال هذا العام.

وعلى مستوى التشريعات تم تضمين كافة اتفاقيات الانتفاع والتطوير التي تبرمها الهيئة بخصوص أراضي المنطقة نصا تعاقديا يلزم أصحاب المشروعات بإعداد خطط لتدريب القوى العاملة الوطنية وإحلالها محل القوى العاملة الوافدة، وفي هذا الإطار تقوم الشركات بتقديم كشف إلى الهيئة باحتياجاتها من القوى العاملة الوطنية والوافدة لثلاث سنوات قادمة ليتمكن المختصون بالهيئة من التنسيق مع الجهات ذات الاختصاص لإعداد برامج تدريبية وتأهيلية لتوفير القوى العاملة الوطنية في المهن الإشرافية والهندسية والفنية.

وهناك العديد من الدورات التدريبية التي نظمتها الهيئة والشركات العاملة بالدقم للعاملين في مشاريع المنطقة لصقل خبراتهم، كما نظمت دورات تدريبية أخرى للباحثين عن عمل لتأهيلهم لدخول سوق العمل.

معاليكم، في ظل الحديث عن الثورة  الصناعية الرابعة وهاجس الاستغناء عن عدد من الوظائف/ المهن، هل لديكم مؤشرات عن نوعية هذه الوظائف بالنسبة للشركات العاملة بالمنطقة الاقتصادية؟ وهل ثمة مساع لدى الشركات لتأهيل عمالها لشغل وظائف بديلة تنسجم مع الثورة الصناعية الرابعة تجنباً لأي تسريح؟

هناك توجس وقلق عالمي بشأن اختفاء مجموعة من الوظائف التي سيحل مكانها الذكاء الاصطناعي والروبوتات، إلا أن الحقيقة المتوقعة هي ظهور قطاع أو قطاعات جديدة من الممكن أن تستوعب عددا كبيرا من العاملين مثلما حدث خلال الثورة الصناعية الثالثة؛ إذ اختفى عدد من الوظائف في قطاعي الصناعة والزراعة ليظهر قطاع الخدمات الذي استوعب عددا كبيرا من العاملين، وتعمل هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم جنبا إلى جنب مع باقي المؤسسات والجهات الحكومية والخاصة للتهيئة والاستعداد للتغيير المتوقع من خلال تبني أفكار المدن الذكية، والتشجيع على الابتكارات والاكتشافات والبحوث العلمية، وريادة الأعمال وأتمتة إجراءات العمل والأعمال اليومية.

تقدم هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم مجموعة من الحوافز والمزايا والتسهيلات للمستثمرين تتلاءم مع ما تقدمه المناطق الاقتصادية الأخرى في العالم. برأيكم إلى أي مدى عملت هذه الحوافز في جذب الاستثمار الأجنبي منذ إنشاء المنطقة؟ وهل هناك مزايا أخرى تعملون على استحداثها؟

تشهد المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم نموا في حجم الاستثمار الأجنبي على الرغم من حداثة إنشائها، ويبلغ عدد الجنسيات المستثمرة في الدقم حوالي ( 20 ) جنسية، وتعد المدينة الصناعية الصينية أحد أبرز هذه الاستثمارات، ويوجد بالمنطقة أيضا مشروع الهند الصغيرة الذي بدأت أعماله الإنشائية خلال هذا العام ويضم المشروع فنادق ومجمعات تجارية وفيللا وشققا مطلة على البحر، وهناك استثمارات ُ عمانية – خليجية مثل مصفاة الدقم التي تقام باستثمارات من السلطنة ودولة الكويت، ومصنع تجميع الحافلات الذي يقام باستثمارات من شركة كروة القطرية والصندوق العماني للاستثمار.

وشهدت المنطقة عددا من الشراكات الناجحة بين القطاع الخاص المحلي والأجنبي، ومن بين هذه الشركات إنشاء مصفاة سيباسك بشراكة بين مستثمرين من السلطنة وجمهورية الهند، وتعد المصفاة أول مشروع من نوعه يقام في الشرق الأوسط لإنتاج حامض السيباسك الذي يستخرج من زيت الخروع ويدخل في العديد من الصناعات الكيماوية وصناعات البلاستيك والأدوية، وقد بدأت المصفاة الإنتاج التجاري مطلع العام الجاري.

أما بالنسبة إلى مزايا الاستثمار في المنطقة فإن المزايا والحوافز التي تقدمها الهيئة مواكبة لتطلعات المستثمرين وقد تم إعدادها بعد دراسة الحوافز والمزايا المتوفرة في المناطق المماثلة، وتقوم الهيئة بشكل دوري بمراجعة وتحديث تشريعاتها لتكون مواكبة لتطلعات المستثمرين.

معاليكم ومن وجهة نظركم، أليس هناك تنازع في الاختصاص بين الهيئة ووزارة القوى العاملة فيما يخص تنظيم سوق العمل؟

جميع الجهات الحكومية والخاصة بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم تعمل كمنظومة واحدة متكاملة من أجل تقديم التسهيلات اللازمة للشركات التي تعمل بالمنطقة بما يحقق الأهداف التي أنشئت من أجلها، ويوجد تعاون وتنسيق دائم مع وزارة القوى العاملة بشأن تنظيم سوق العمل بالمنطقة.

ما المبادرات التي أطلقتها الهيئة لسكان ولاية الدقم والولايات القريبة في نطاق المسؤولية الاجتماعية؟

أطلقت الهيئة العديد من البرامج في مجال المسؤولية الاجتماعية، ففي قطاع التعليم تحدثنا سابقا عن البعثات الداخلية للحصول على درجة البكالوريوس، والبعثات الخارجية للدراسة في الصين، كما تم تنظيم ودعم عدد من الفعاليات في مدارس الولاية كالاحتفال بيوم المعلم وتكريم الطلبة المتميزين، وفي مجال التدريب والتأهيل تم في عام 2015 إنشاء مركز التدريب بالدقم ضمن مبادرة الدقم للتدريب بهدف تدريب  50  شخصا من أبناء ولاية الدقم لتأهيلهم للعمل في الشركات العاملة بالمنطقة، وفي عام 2016 تم تخريج  44  طالبا وطالبة من برنامج مبادرة الدقم للتدريب الذي استمر 6 أشهر وقد تم تشغيل عدد من المتدربين في الشركات العاملة بالمنطقة، وفي عام 2018 تم تنظيم فعالية مقابلات الدقم لفرص التدريب والتشغيل تم خلالها عرض ( 283 ) فرصة عمل من بينها ( 130 ) فرصة تدريب مقرونة بالتشغيل، وفي عام 2019 تم تدريب ( 200 ) باحث عن عمل.

وهناك العديد من البرامج الأخرى التي نظمتها الهيئة بالتعاون مع الشركات العاملة في المنطقة لدعم المجمتع المحلي، وأود أن أشير هنا إلى أنه تم في شهر أكتوبر 2018 التوقيع على اتفاقية تأسيس مؤسسة تواصل الخيرية من قبل عدة شركات تعمل بالمنطقة، وتعتبر المؤسسة بمثابة صندوق يستهدف تقديم الدعم المالي وتمويل مشاريع لصالح المجتمعات المحلية بالدقم بشكل خاص ومحافظة الوسطى بشكل عام وذلك للمساهمة في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة وفقاً لمجالات العمل المحددة في النظام الأساسي للمؤسسة كريادة الأعمال والتدريب والتعليم من أجل العمل والصحة والبيئة ودعم الجمعيات والأندية الرياضية.

وكانت الهيئة قد قامت في عام 2017 م برفع المستوى الإداري لقسم المسؤولية الاجتماعية إلى دائرة تحت مسمى “دائرة الشراكة والتنمية” تضم قسمين أحدهما قسم المسؤولية الاجتماعية والآخر قسم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ومن بين أبرز مهام الدائرة: وضع إستراتيجية المسؤولية الاجتماعية في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم وآلياتها التنفيذية بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، ويتولى قسم المسؤولية الاجتماعية جميع الموضوعات المتعلقة بإنشاء الشراكات المحلية والإقليمية والدولية لدعم البرامج المشتركة بين المنشآت مثل الصناديق والجمعيات الخيرية ومؤسسات المجتمع المدني الأخرى، وإدارة وتطوير مبادرات المسؤولية الاجتماعية للمنشآت العاملة داخل المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، وتحديد القضايا الاجتماعية والفرص المثلى للبرامج الاجتماعية والمبادرات بناء على التطورات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

كما تشمل مهام قسم المسؤولية الاجتماعية تنسيق جهود برامج المسؤولية الاجتماعية للمنشآت بكافة جوانبها بما يتماشى مع توجهات وأهداف المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، بالإضافة إلى تبني مشاريع مبتكرة تعزز ممارسات ومستوى المسؤولية الاجتماعية لدى المجتمع المحيط بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم.

تعتبر قرية النهضة بالدقم نموذجا رائدا على المستوى المحلي من حيث توفير المسكن الملائم للعاملين تتوفر به كافة الخدمات والمرافق بمواصفات تنسجم مع اشتراطات السلامة والصحة المهنية؛ حدثنا معاليكم كيف بدأت الفكرة؟ وما هي القيمة المضافة للمشروع؟

جاءت فكرة إنشاء قرية النهضة بالدقم بهدف توفير مساكن دائمة للعاملين في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم تتوفر فيها جميع الخدمات التي يحتاجون إليها وأسلوب معيشة يفوق ما هو متوفر في “الكرفانات” أو مخيمات العمال المؤقتة، وقد لقيت القرية اهتماما جيدا من قبل الشركات العاملة في المنطقة وهو ما دفع شركة النهضة للخدمات إلى زيادة السعة الاستيعابية للقرية من 16960 إلى 18655سريرا.

في الختام، كيف ترون مستقبل المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم؟

هناك العديد من الحقائق التي تجعل نظرتنا إيجابية تجاه المستقبل، فالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم تتمتع ببنية أساسية جيدة تشتمل على ميناء متعدد الأغراض، وحوض جاف لإصلاح السفن وتحويلها من غرض إلى آخر، ومصفاة للنفط بسعة  230  ألف برميل يوميا، ومطار، وشبكة حديثة من الطرق المزدوجة

والمفردة التي تربط مختلف المناطق الاستثمارية بالدقم كما تربط المنطقة بباقي ولايات السلطنة ومنها إلى الدول المجاورة، بالإضافة إلى عدد من المشروعات النوعية التي يتم تنفيذها من قبل القطاع الخاص، وقد أتاحت هذه المشاريع المجال لنمو قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وقطاع الخدمات بالدقم.

كما أن الاستقرار السياسي الذي تتميز به السلطنة والموقع الجغرافي للمنطقة على بحر العرب المفتوح على المحيط الهندي وبالقرب من الأسواق الاستهلاكية في آسيا وأفريقيا، والحوافز والتسهيلات التي تقدمها الهيئة للمستثمرين تساهم في استقطاب العديد من الاستثمارات الجديدة وهو ما يجعل مستقبل المنطقة واعدا ومبشرا بالخير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى