مستحقات العامل المالية
الزهراء الجردانية، باحثة قانونية، وزارة العمل
أجر العامل هو من أهم العناصر الأساسية المكونة لعقد العمل، وهو الفيصل بين عقود العمل والأعمال التطوعية، ومفاهيم الأجر قد تطورت عبر مختلف العصور، وقيمة الأجر تعتمد على حسب نوع العمل وطبيعته؛ فهناك أعمال أجرها يكون كبيرا، في حين هناك أعمال أجرها يكون قليلا جدا.
وفي سبيل حماية حقوق العامل؛ اتبعت بعض الدول خطوات تشريعية قانونية من أجل منع أصحاب العمل من استغلال العامل أو تكليفه بأعمال شاقة وغير متفق عليها في العقد المبرم بين كلا الطرفين.
ويعد الأجر من أبرز التزامات صاحب العمل تجاه العامل مقابل العمل الذي يؤديه، ويعتبر من أهم حقوق العامل؛ لكونه أساسا لاستقراره ومصدر رزق له ولعائلته، والحافز الأول والرئيسي لزيادة إنتاجية العامل واستمراره في العمل؛ لهذا بنى المشرع سياجًا كبيرًا لحماية الأجر من خلال تحديد الحد الأدنى للأجور، ووضع نظامًا للتقاضي لضمان حصول العامل على أجره، وتحريم الاقتطاع من أجره، وتحريم الحصول على فوائد في القروض الممنوحة له خلال قيام علاقة العمل بينهما، وتقرير الامتياز لدين الأجر على جميع أموال صاحب العمل، والتشدد في وسيلة إثبات حصول العامل عليه.
يعرف الأجر قانونيا بأنه هو المقابل الذي يحصل عليه العامل لقاء العمل المتفق عليه، وعلى ذلك فإن العامل إذا لم يؤدِ مهام عمله المتفق عليها في عقد العمل فلا يستحق أي مقابل، وإذا تغيب عن العمل بدون عذر مقبول أكثر من سبعة أيام متواصلة، أو أكثر من عشرة أيام متقطعة خلال العام الواحد فيحق لصاحب العمل فصله إذا تبين أن غيابه كان بدون عذر مقبول، شريطة أن يسبق الفصل إنذار كتابي من صاحب العمل للعامل بعد اليوم الخامس من تغيبه في الحالة الثانية، ولا يجوز للعامل قانونا الحصول على أجر مقابل الساعات التي لم يعمل فيها.
يجدر بالذكر أن الأجر من أهم الالتزامات التي تنتج من قيام عقد عمل صحيح بين العامل وصاحب العمل؛ لذلك لا يمكن تغيير الأجر أو العمل المسند إلى العامل بخلاف ما هو متفق عليه في العقد الساري بينهما،كما يحق لصاحب العمل لاعتبارات موضوعية التمييز في الأجر بين عماله، ولكن دون الخروج عن مبدأ المساواة الذي نصت عليه مختلف التشريعات والدساتير.
ذكرنا سابقا أن الأجر هو جزاء العمل، وهذا لا يعني أن العامل يستحق الأجر بمجرد قيام عقد صحيح، وهو في الواقع لم يؤدِ عمله؛ ففي هذه الحالة لا يستحق العامل أي مقابل؛ إذ الأجر ركن أساسي في عقد العمل يقابله التزام وهو أداء العمل، ومعنى ذلك أن على العامل أن يؤدي مهامه المطلوبة من قبل صاحب العمل، وفي المقابل يكون صاحب العمل ملزما بتسليم الأجر، وإذا تخلف أي من الطرفين في تنفيذ التزامه، لا يكون الطرف الآخر مُلزما، وهذا ما أكدته المحكمة العليا العمانية.
وقد نصت القاعدة العامة على أن العامل يستحق الأجر لقاء عمل يقوم به، ولكن المشرع نص على استثناء حالات محددة يستحق فيها العامل أجرا كاملا أو بعضه دون أن يؤدي عمله، مثل الإجازة السنوية، أو الإجازة الأسبوعية، أو الإجازة المرضية، أو إجازات الأعياد والمناسبات الدينية، أو إجازة الوضع بالنسبة للنساء، أو الإجازات الخاصة.
ونصّ المشرع العماني على نوعين من الأجر، هما:
أولا: الأجر الأساسي، وهو المقابل المتفق عليه بين العامل وصاحب العمل، مضافا إليه العلاوات الدورية إن وُجدت.
ثانيا: الأجر الشامل، وهو عبارة عن الأجر الأساسي، مضافًا إليه سائر الاستحقاقات التي تقرر للعامل، مثل علاوة العمل الإضافي، أو العلاوة السنوية، وغيرها.
إن من الأهمية بمكان معرفة الفرق بين الأجر الأساسي والشامل؛ إذ لكل منهما أحكام خاصة وضعها المشرع، وبصورة أكثر شمولية فإن ما يحتسب من الأجر الأساسي هو مكافأة نهاية الخدمة، ورصيد إجازات العامل إذا ترك العمل قبل استنفاده لها، بإضافة إلى الربع الجائز حجزه لدين نفقة أو مستحقات للحكومة أو صاحب العمل، وأما بالنسبة للأجر الشامل فإن ما يحتسب منه مقابل العمل الإضافي في الإجازات والمناسبات الرسمية، ونسبة الخصم في حال غياب العامل بدون عذر مقبول.
كما إن هناك قواعد ذات صلة بالأجر، لا يجوز تجاوزها، ومن هذه القواعد هي قاعدة الحد الأدنى للأجور؛ إذ نصّ المشرع على حد معين من الأجر للعمال العمانيين بالقطاع الخاص، لا يجوز النزول عنه، حتى وإن ثبت رضا العامل كتابة، وهو (325) ريالا عمانيا شهريا.
وقد ذكر المشرع العماني في الفصل الأول من الباب الرابع من قانون العمل الضوابط الخاصة بصرف أجور العاملين في منشآت القطاع الخاص؛ إذ إنه ذكر في المادة (51) من قانون العمل العماني المدة القانونية التي يجب أن يلتزم صاحب العمل فيها بصرف أجور العاملين، وإذا كان هناك اتفاق صريح بين كل من العامل وصاحب العمل على صرف هذا الأجر خلال فترة معينة فإنه يجب الالتزام بهذه الفترة، وفي حالة عدم وجود اتفاق بين العامل وصاحب العمل على فترة معينة لصرف الأجر فإنه يمكن الرجوع للقواعد العامة التي نص عليه قانون العمل؛ إذ ذكر المشرع في البند الأول من المادة (51) بأن العاملين المعينين بعقد شهري تصرف أجورهم مرة واحدة على الأقل كل شهر؛ فالمشرع وضع حدًّا أقصى، بحيث لا يجوز لصاحب العمل أن يتجاوز هذه الفترة، وهي شهر واحد كحد أقصى، وعلى سبيل المثال، إذا كان العامل قد باشر عمله لدى صاحب العمل بتاريخ 1 نوفمبر 2017 فإنه يستحق صرف أجره بموعد أقصاه تاريخ 1 ديسمبر 2017 ما لم يوجد اتفاق بخلاف ذلك؛ أي بمدة أقل عن الشهر، وعلى صاحب العمل أن يحدد تاريخ محدد لصرف أجور العاملين لديه.
ولا يحق لصاحب العمل صرف الأجور بشكل عشوائي؛ أي بتواريخ تختلف من شهر إلى آخر، وقد حدد المشرع فترة سماح لصاحب العمل في الظروف الاستثنائية التي قد لا تمكنه من صرف الأجر خلال الموعد المحدد قانونا، وفترة السماح هي سبعة أيام فقط من نهاية المدة الواجب الدفع خلالها، وفي حالة انقضاء هذه المدة بدون أن يلتزم صاحب العمل بصرف الأجر فإنه يكون قد وقع في مخالفة قانونية، كما نصت المادة (116) بغرامة لا تزيد على (100) ريال عماني، وتتعدد الغرامة وفقا لتعدد الأشخاص الذين وقعت في شأنهم المخالفة، وتضاعف العقوبة عند التكرار، ويحق للعامل مطالبة صاحب العمل بالتعويض إذا لحقته أضرار بسبب التأخير في صرف أجره الشهري عن الموعد المحدد قانونا.