كلمة الرئيس

المرحلة (2019-2022) بين التحديات والإنجازات

نبهان بن أحمد البطاشي، رئيس مجلس إدارة الاتحاد العام لعمال سلطنة عُمان

تمر مرحلة وتعقبها مرحلة أخرى تتميز عن غيرها، ولكلٍ مستجدات وظروف سياسية واقتصادية واجتماعية، تُبنى عليها أولويات وأهداف إستراتيجية وخطط لا بد من تنفيذها من أجل مواصلة مسيرة الاتحاد العام لعمال سلطنة عُمان التي تقوم وفق نظام من التنسيق والتعاون والتنظيم؛ وحركة متواصلة من العمل لتحقيق الأهداف التي أكدت عليها التشريعات الوطنية المنظمة للعمل النقابي.

وفي التاسع عشر من مارس عام 2019 أقرت لجنة التوصيات المنبثقة من الجمعية العمومية للاتحاد العام لعمال سلطنة عُمان في مؤتمره الثاني مجموعة من التوصيات؛ وذلك من خلال التوصية بالاهتمام بعدة جوانب خلال الفترة الانتخابية (2019-2022)، منها إبراز دور المرأة النقابية، وتنفيذ البرامج والدورات التدريبية للهياكل النقابية، ومراجعة القوانين والتشريعات والقرارات التي تنظم سوق العمل وتطويرها، وإيجاد تشريعات تحقق الحماية القانونية لأعضاء النقابات العمالية، وزيادة حجم العضوية النقابية، فضلًا عن تعزيز الحوار الاجتماعي مع أطراف الإنتاج الثلاثة والجهات ذات العلاقة.

وقد شهدت المرحلة (2019-2022) تفاقم مجموعة من التحديات إثر ظهور جائحة كورونا التي عصفت بالعالم أجمع، مثّل الجانبان الاقتصادي والاجتماعي أقصى أبعادها، وتتمثل في أشكال شتى، لعل أبرزها الإنهاء الجماعي لعقود العمل، وعدم صرف الأجور أو التأخر في صرفها أو الاقتطاع منها، إضافةً إلى التوسع في استخدام عقود العمل محددة المدة؛ كذريعة لإنهاء الخدمة أو التخلص من الزيادة السنوية للأجر؛ الأمر الذي أثرّ على استقرار علاقات العمل.

وقد أثبتت التنظيمات النقابية بمختلف مستوياتها في السلطنة دورها في التعامل مع انعكاسات هذه الجائحة؛ والتخفيف من وطأتها على العاملين؛ إذ قامت بدورها ومسؤوليتها القانونية في رعاية مصالح العمال والحفاظ على حقوقهم، وتمثيلهم في جميع الأمور المتعلقة بشؤونهم، جنّبت العاملين بتلك المنشآت قرارات خطيرة، منها إنهاء الخدمة وتخفيض الأجور بنسب عالية دون تفاوض، إلى جانب دور الاتحاد العام في تمثيل جميع النقابات والاتحادات العمالية والعمال في المنشآت التي لا توجد بها نقابات عمالية في فريق العمل المشكل للنظر في حالات إنهاء الخدمة والبلاغات عن المخالفات المرصودة على المنشآت.

ونستطيع أن نلاحظ من خلال تقرير المرحلة (2019-2022) الذي يلخص أبرز أعمال الاتحاد العام والنقابات والاتحادات العمالية خلال المرحلة المذكورة مدى التقدم الذي شهدته الحركة النقابية؛ ففي مجال المرأة والشباب انبثقت من مجلس إدارة الاتحاد العام لجنتان، تُعنى إحداهما بالمرأة والأخرى بالشباب، حرص الاتحاد على مشاركتهما في مختلف هياكله وأنشطته، وقد شهدت مشاركة المرأة تطورًا ملحوظًا؛ فقد بلغ عدد العضوات النقابيات في الهيئات الإدارية للنقابات والاتحادات العمالية (78) عضوًا، كما شُكلت (59) لجنة للمرأة العاملة في النقابات والاتحادات العمالية تضم (554) امرأة عاملة، فضلًا عن مشاركة (14) نقابية في المفاوضات الجماعية التي جرت بين النقابات العمالية وأصحاب العمل، وبلغ عدد النقابات العمالية حتى نهاية ديسمبر 2022 (323) نقابة عمالية في مختلف القطاعات الاقتصادية، كما واصل الاتحاد العام جهوده في تشكيل الاتحادات العمالية القطاعية التي بلغ عددها (7) اتحادات عمالية لقطاعات النفط والغاز، والصناعة، والتعليم، والإنشاءات، والسياحة، والكهرباء، والبيع والتوزيع.

وبهدف تنظيم سير العمل على مستوى المؤسسة وفق رؤية ورسالة محددتين، تنضوي تحتهما أهداف إستراتيجية محددة؛ قمنا خلال المرحلة المنصرمة بإعداد إستراتيجية عامة للاتحاد، نتطلع من خلالها إلى خلق صوت اجتماعي قوي لجميع أعضائنا من خلال حَراك نقابي منظم ومتنام، نسعى من خلالها جاهدين إلى ترسيخ العمل النقابي والعمل مع شركائنا من أجل خلق بيئة عمل عادلة، نرتكز فيها على مجموعة من القيم، وهي النزاهة، والجودة، والمساواة، والديمقراطية، والالتزام، والإبداع، والاستقلالية.

واتساقًا مع رؤية عُمان 2040 التي أكدت على أهمية مبادئ الحوكمة والأداء المؤسسي بما يضمن الشفافية في العمل والمساءلة في الأداء، وبهدف تجويد عملية الخدمات التي يقدمها الاتحاد لمنتسبيه من الهياكل النقابية، وكافة العاملين بالقطاع الخاص؛ وقعنا اتفاقية إعداد دليل حوكمة مع مركز عُمان للحوكمة والاستدامة؛ سعيًا إلى تجويد منظومة العمل النقابي، والانتقال بها من الجهد الفردي إلى الجهد المؤسسي المنظم من خلال توضيح الأدوار المطلوبة من كافة أطراف المصلحة ذات العلاقة وفق مبادئ الحوكمة والاستدامة، وبما يضمن قدرة المؤسسة واستمرارها في أداء مهامها، وتحقيق أهدافها كما يطمح العاملون بالقطاع الخاص.

أما بالنسبة إلى الجانب التشريعي خلال هذه المرحلة، فنستطيع أن نشير إلى بعض المكتسبات العمالية، لعل أبرزها تفضل جلالته بالتوجيه بإنشاء صندوق الأمان الوظيفي للمنهاة خدماتهم من المواطنين، وتمويله بمبلغ (10) ملايين ريال عماني من لدن جلالته، وتمديد صرف منفعة الأمان الوظيفي عدة مرات؛ ليكون ضمانًا للعاملين ويحقق لهم الاستقرار، وقد شارك الاتحاد العام في مراحل إعداد مشروع قانون نظام الأمان الوظيفي وصياغته، وفي بعض اللجان المعنية بتنفيذه، كما شهدت المرحلة إصدار قانون تبسيط إجراءات التقاضي في شأن بعض المنازعات الذي أعطى محاضر التسوية الودية في النزاعات العمالية قوة السند التنفيذي، وتقليل مدة الطعن في الأحكام؛ ليساهم في تسريع وتيرة الفصل في الدعاوى القضائية وتنفيذ الأحكام، وتعديلات في القرار الوزاري رقم (437/2022) على أحكام تشكيل وتسجيل وعمل النقابات العمالية والاتحادات العمالية والاتحاد العام لعمال سلطنة عُمان التي أوجدت حماية قانونية للعضو النقابي، واستحدثت آلية جديدة للنصاب القانوني، وعدلت في بعض شروط الترشح لعضوية مجلس إدارة الاتحاد العام لعمال السلطنة.

وساهم الاتحاد من خلال عضويته في العديد من اللجان الوطنية الثنائية والثلاثية في تطوير التشريعات العمالية، مثل مشروع قانون العمل الجديد الذي شارك في إعداده منذ العام 2013، وقدم مرئياته ومقترحاته وملاحظاته عند إعادة مناقشته عام 2020، كما قدم الاتحاد مرئياته ومقترحاته في الدراسة الشاملة التي تعكف عليها الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية لمراجعة الأنظمة التأمينية القائمة وتقييمها؛ بهدف توسيع أنظمة التأمين للمؤمن عليهم وتحسينها، علاوةً على ذلك ساهمت تلك العضويات في المجالس واللجان في تعزيز الحوار والتشاور بين العمال وأصحاب العمل، وتسوية العديد من المنازعات العمالية في مختلف مؤسسات القطاع الخاص، أثمرت عن التوقيع على (915) محضر تسوية واتفاقية عمل جماعية خلال المرحلة (2019-2022).

ولم يقتصر عمل الاتحاد العام على البناء الداخلي للمنظومة وتمثيل العمال داخل السلطنة في المجالس واللجان المحلية، بل امتد في تمثيله وبنائه على  المستويين العربي والدولي؛ فهو اليوم عضو في (6) اتحادات ومنظمات عربية وإقليمية ودولية وبعض لجانها الداخلية، حرصنا على أن نكون أعضاء فاعلين فيها، ونستفيد من تجاربها وخبراتها النقابية في تطوير قدرات الكوادر النقابية ومهاراتها، المنتسبة للاتحاد بشكل خاص، وتطوير الحركة النقابية بالسلطنة بشكل عام، من خلال أنشطة الاتحاد التدريبية والتثقيفية؛ إذ شهدت المرحلة تنفيذ عدد (52) نشاط تدريبي استفاد منها عدد (2034) متدربا، علاوةً على البرامج التوعوية التي بلغ عددها (33) محاضرة استهدفت (1509) من العاملين بالقطاع الخاص وطلبة بعض المؤسسات التعليمة بالسلطنة، وعدة معارض وحملات توعوية، وإصدار (12) عدد من مجلة سواعد نقابية، وزيادة الأنشطة عبر القنوات التلفزيونية والإذاعية والصحف والمجلات المطبوعة منها والإلكترونية.

وفي الختام لا يسعنا إلا أن تقدم بجزيل الشكر ووافر التقدير للشركاء الاجتماعيين على تعاونهم البنّاء في تنظيم قطاع العمل، ولكافة العاملين والهياكل النقابية في السلطنة على ما يقومون به من أدوار في تمثيل العمال ورعاية مصالحهم والدفاع عن حقوقهم؛ سعيًا لتحسين شروط عملهم وظروفه لضمان استقرارهم في بيئات أعمالهم، مساهمين جميعًا بلا استثناء في دعم توجهات رؤية عُمان 2040 كما أراد لها رائد نهضة عُمان المتجددة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، حفظه الله ورعاه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى