حوار عمل

المعايير الواضحة تضمن أن يتم تقييم العمال بناءً على عناصر موضوعية مرتبطة بالأداء الفعلي، وليس على أساس اجتهادات شخصية أو آراء غير مبنية على حقائق

الدكتور غالب بن سيف الحوسني

رئيس مجلس إدارة الجمعية العمانية لإدارة الموارد البشرية


من المتوقع أن يكون لربط صرف العلاوة الدورية بجدارة العامل -والتي تُقاس من خلال التقييم السنوي- تأثير مباشر وملموس على معدل إنتاجية العاملين في مؤسسات القطاع الخاص بسلطنة عُمان؛ إذ إنّ هذا الربط يعزّز مبدأ العدالة في المكافآت، ويحفّز العمال على بذل جهود أكبر لتحقيق نتائج أفضل في أدائهم السنوي.

كما يساهم القرار في تعزيز ثقافة الأداء داخل المؤسسات؛ إذ يدفع العمال إلى الالتزام بمعايير الجودة والالتزام بالمهام الموكلة إليهم، إضافة إلى تطوير مهاراتهم لضمان الحصول على تقييم أعلى؛ وبالتالي الاستفادة من العلاوة، وفي المقابل، يساعد القرار أصحاب الأعمال على التمييز بين مستويات الأداء المختلفة؛ مما يدعم اتخاذ قرارات مبنية على معايير موضوعية، ترتبط مباشرة بمستوى إنتاجية العامل وقيمته المضافة للمؤسسة.

بشكل عام، من شأن هذا التوجه أن يؤدي إلى رفع كفاءة القوى العاملة، وزيادة الإنتاجية، وتعزيز القدرة التنافسية لمؤسسات القطاع الخاص في سلطنة عُمان.


تنبع أهمية وجود معايير لتقييم الأداء تتسم بالشفافية من دورها المحوري في تعزيز العدالة والثقة داخل بيئة العمل؛ فالمعايير الواضحة والمعلنة مسبقًا تضمن أن يتم تقييم العمال بناءً على عناصر موضوعية مرتبطة بالأداء الفعلي، وليس على أساس اجتهادات شخصية أو آراء غير مبنية على حقائق؛ الأمر الذي يعزز مصداقية عملية التقييم، ويرفع من مستوى رضا العمال، ويحفّزهم على تحسين أدائهم.

كما أن وجود ضمانات تحول دون التعسّف أو التمييز في استخدام تلك المعايير يُعد عنصرًا أساسيًا لإرساء بيئة عمل عادلة؛ إذ يحدّ من احتمالية إساءة استغلال السلطة أو التأثير على النتائج لأسباب غير مهنية، وتُساهم هذه الضمانات في حماية حقوق العمال، وتعزيز مبدأ تكافؤ الفرص، وترسيخ ثقافة مؤسسية تقوم على النزاهة والإنصاف.

وبشكل عام، فإن الجمع بين الشفافية في المعايير مع وجود ضمانات رقابية فعّالة يساهم في رفع جودة عملية التقييم، وتحفيز العمال، وتحسين الأداء المؤسسي ككل.


تعدّ وضوح آليات تظلّم العامل من القرارات المرتبطة بالتقييم السنوي أمرًا بالغ الأهمية لضمان عدالة بيئة العمل واستقرارها؛ فوجود إجراءات واضحة وشفافة للتظلّم يتيح للعامل فرصة عادلة لعرض وجهة نظره ومراجعة أي قرار يرى أنه غير منصف أو غير دقيق؛ مما يعزز ثقته في نظام التقييم، ويحدّ من الشعور بالتحيز أو الظلم.

كما أن وضوح هذه الآليات يساهم في تعزيز الحوكمة المؤسسية؛ إذ يوفر إطارًا رسميًا لمعالجة الاعتراضات بعيدًا عن الاجتهادات الفردية؛ مما يقلل من النزاعات العمالية، ويحسّن العلاقة بين العمال والإدارة، ويدعم بيئة عمل تقوم على الاحترام والشفافية.

ومن الناحية التنظيمية، فإن وجود مسار تظلّم واضح يمكّن المؤسسات من تحسين أنظمتها من خلال رصد الملاحظات المتكررة، وتصحيح الأخطاء المحتملة في عمليات التقييم؛ وبذلك يصبح التقييم أكثر دقة وموضوعية، ويزداد التزام العمال بمعايير الأداء.

وبشكل عام، فإن وضوح آليات التظلّم يُعدّ عنصرًا أساسيًّا لضمان العدالة، وتعزيز الثقة، ورفع كفاءة نظام التقييم السنوي داخل المؤسسات.


يمكن للحكومة تبنّي مجموعة من الحوافز والمزايا التي تشجّع مؤسسات القطاع الخاص على رفع نسبة العلاوة السنوية للأجور بما يفوق الحدود الدنيا المنصوص عليها في القرار الوزاري؛ وذلك من خلال أدوات مالية وتنظيمية وتشريعية تساعد المؤسسات على تبنّي سياسات أجور أكثر جاذبية؛ ومن أبرز هذه الحوافز:

1. حوافز ضريبية ومالية

  • تقديم إعفاءات أو تخفيضات ضريبية للمؤسسات التي ترفع متوسط الزيادات السنوية بنسبة تفوق الحد الأدنى المحدد.
  • احتساب جزء من الزيادات ضمن المصروفات القابلة للخصم الضريبي بطريقة أكثر مرونة.
  • منح دعم مالي أو مساهمات حكومية في برامج التدريب والتطوير للمؤسسات التي تربط الزيادة بتحسين مهارات العمال.

2.  تسهيلات حكومية وإجرائية

  • منح أولوية في المناقصات الحكومية للشركات التي تُظهر التزاما أعلى بسياسات أجور عادلة ومحفِّزة.
  • تبسيط بعض الإجراءات الإدارية والعمالية بهدف تحفيز للمؤسسات الملتزمة برفع الأجور.

3. دعم برامج التطوير والهيكلة

  • تشجيع المؤسسات على تبني أنظمة تقييم أداء متقدمة تربط العلاوة السنوية بالإنتاجية عبر توفير نماذج ومعايير جاهزة.
  • دعم إنشاء برامج لتطوير الكفاءات الوطنية بما يرفع الإنتاجية ويسوّغ زيادات أعلى في الأجور.

4. الاعتراف والشهادات

  • إطلاق تصنيف أو شهادة حكومية مثل (أفضل بيئة عمل) أو (مؤسسة داعمة للاستقرار الوظيفي)، تمنح للمؤسسات التي تقدم زيادات أعلى من الحد الأدنى.
  • نشر قوائم سنوية لأفضل الشركات في سياسات الأجور؛ مما يعزز سمعة الشركات المتميزة، ويمنحها أفضلية تنافسية في سوق العمل.

5. تشجيع الحوار الاجتماعي

  • دعم إنشاء مجالس عمل مشتركة داخل المؤسسات الكبرى لتعزيز التفاهم حول سياسات الأجور.
  • توفير إطار وطني توجيهي، يحثّ على الزيادات السنوية العادلة المرتبطة بالإنتاجية.

الخلاصة أن الحوافز ليست بالضرورة مالية فقط؛ بل يمكن أن تكون تنظيمية، أو تشريعية، أو حتى معنوية، ما دامت تخدم الهدف الأكبر، وهو خلق قطاع خاص قوي، مستقر، وجاذب للكفاءات.


نعم، من المبرّر تأييد أن تقوم الحكومة بتقديم حوافز ومزايا لتحفيز مؤسسات القطاع الخاص على رفع نسبة العلاوة السنوية للأجور بما يفوق الحدود الدنيا المنصوص عليها في القرار الوزاري؛ إذ إنّ مثل هذه الحوافز تساهم في تعزيز دور القطاع الخاص في دعم الاستقرار الوظيفي ورفع مستويات المعيشة، وتشجع المؤسسات على الاستثمار في رأس المال البشري؛ مما ينعكس إيجابا على الإنتاجية والتنافسية.

لكنني أرى أن مثل هذه الحوافز يجب أن تكون مشروطة بمعايير واضحة، مثل وجود نظام أداء فعّال، وتوفير فرص تدريب وتطوير، وتطبيق ممارسات عادلة في إدارة الموارد البشرية، وبهذه الطريقة نضمن أن الزيادات السنوية ليست مجرد التزام مالي إضافي، بل جزء من إستراتيجية وطنية لرفع مستوى كفاءة القوى العاملة وتحسين بيئة الأعمال.

ختاما، نعم… الحوافز مهمة ومؤثرة، لكن نجاحها يعتمد على تصميمها بعناية، وربطها بنتائج ملموسة تعود بالنفع على العامل، والمؤسسة، والاقتصاد الوطني على حد سواء.

يمكن للحكومة تبنّي مجموعة من الحوافز والمزايا التي تشجّع مؤسسات القطاع الخاص على رفع نسبة العلاوة السنوية للأجور بما يفوق الحدود الدنيا المنصوص عليها في القرار الوزاري


تعدّ مشاركة ممثلي النقابات العمالية في إعداد أنظمة تقييم الأداء، ومراقبتها، والمشاركة في لجان التظلمات ذات أهمية عالية، لما لها من دور مباشر في تعزيز العدالة والشفافية داخل بيئة العمل؛ فوجود ممثلين عن العمال يضيف بُعدا توازنيّا في عملية تصميم نظام التقييم وتطبيقه، ويحدّ من احتمالات التحيّز أو اتخاذ قرارات لا تعكس الواقع الفعلي لأداء العمال.

كما تساهم مشاركة النقابات في تعزيز الثقة المتبادلة بين الإدارة والعمال؛ إذ يشعر العاملون بأن صوتهم مسموع، وأن مصالحهم ممثلة ضمن آليات التقييم، مما يقلّل من النزاعات المحتملة، ويرفع مستوى الرضا الوظيفي، ويعزز الالتزام بمعايير الأداء.

أما ما يتعلق بلجان التظلمات، فإن وجود ممثلين عن النقابات يوفر حماية إضافية للنزاهة، ويساهم في تحقيق رقابة مستقلة على قرارات التقييم؛ مما يعزز مصداقيتها، ويضمن معالجتها بدرجة أعلى من الموضوعية.

وبشكل عام، فإن إشراك ممثلي النقابات في هذه العمليات يُعدّ ممارسة متقدمة تدعم الحوكمة المؤسسية، وتساهم في خلق بيئة عمل عادلة وشفافة ومستقرة، بما ينعكس إيجابًا على الإنتاجية والعلاقة بين العمال والإدارة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى