إجازة الأمومة ودورها في تعزيز إنتاجية المرأة العاملة
مريم بنت دوشنبه البلوشية، أخصائية تأمين الإجازات، صندوق الحماية الاجتماعية
تُعد إجازة الأمومة من الحقوق الأساسية للمرأة العاملة في العديد من دول العالم؛ إذ تهدف إلى توفير الوقت الكافي للأم لرعاية مولودها الجديد والتعافي بعد الولادة.
وتأتي إجازة الأمومة في سلطنة عُمان في إطار قانون الحماية الاجتماعية رقم (52/2023)، نوعا جديدا من أنواع التأمين الاجتماعي، الذي من شأنه أن يعزز من حقوق المرأة العاملة، ويساهم في تحسين بيئة العمل لتحقيق التوازن بين حياتها الأسرية والمهنية.
أهمية إجازة الأمومة في حياة المرأة العاملة
- الدعم الصحي والنفسي للأم: لا شك بأن خلال فترة الولادة وما بعدها تحتاج الأم إلى وقت كافٍ للتعافي الجسدي والنفسي، وهو ما توفره هذه الإجازة؛ فالاستراحة الضرورية بعد الولادة تساعد المرأة على استعادة قوتها الجسدية، وتخفيف التوتر النفسي المرتبط بتجربة الولادة، وعندما تحصل المرأة على الرعاية المناسبة وتستعيد طاقتها، فإنها تعود إلى العمل بروح عالية وحماس متجدد.
- تشجيع الرضاعة الطبيعية: تعد الرضاعة الطبيعية جزءا مهما من صحة الطفل ونموه، وتساهم في تعزيز الترابط بين الأم وطفلها وتتيح للأم فرصة لتقديم الرعاية الكاملة لطفلها وتشجيع الرضاعة الطبيعية؛ مما يعود بالنفع على صحة الطفل، ويخفف من الضغوط التي تواجهها الأم في الموازنة بين عملها ومتطلبات طفلها.
- تخفيف القلق حول مستقبل الوظيفة: بفضل القوانين التي تضمن حقوق المرأة في إجازة الأمومة، تكون الأم محمية قانونا من خسارة وظيفتها خلال هذه الفترة، وهذا الاستقرار الوظيفي يقلل من القلق الذي قد تواجهه النساء العاملات بشأن مستقبلهن المهني، ويسمح لهن بالتركيز على صحة أطفالهن ورعايتهم الرعاية الكاملة دون خوف من التأثير على المسار الوظيفي.
إجازة الأمومة وإنتاجية المرأة العاملة
قد يرى بعضهم بأن إجازة الأمومة قد تؤثر سلبًا على إنتاجية المنشأة؛ بسبب غياب المرأة فترة طويلة، إلا إن إجازة الأمومة تساهم في تحسين جودة حياة المرأة العاملة، وتعزيز إنتاجيتها على المدى الطويل.
كيف لإجازة الأمومة أن تدعم الإنتاجية؟
- تحسين الولاء الوظيفي: عندما تشعر المرأة بأن صاحب العمل يدعمها خلال مراحل حياتها المختلفة، ومنها مرحلة الأمومة، فإن هذا يعزز من ولائها لجهة العمل؛ فالمرأة التي تُمنح الدعم الكافي خلال فترة الحمل والأمومة تشعر بالارتباط والتزام أكبر تجاه عملها؛ مما يزيد من استقرارها، ويقلل من معدلات ترك العمل.
- عدم تحمل صاحب العمل لأي كلفة مالية: بخروج المرأة في إجازة الأمومة فإن صندوق الحماية الاجتماعية يتحمل تكاليف أجرها كاملا خلال مدة الإجازة، وكذلك نسب الاشتراكات المتعلقة بفروع التأمين الأخرى، وبالتالي فإن صاحب العمل لا تترتب عليه أية كلفة مالية خلال هذه الفترة.
- تعزيز الحافز للعمل: بعد فترة من الراحة والتعافي، تعود المرأة إلى العمل بحافز أكبر للمساهمة والإنتاج؛ إذ يتيح للأم فترة استراحة ضرورية تجعلها أكثر استعدادًا للتعامل مع تحديات العمل بعد عودتها، مما ينعكس بشكل إيجابي على جودة عملها وأدائها.
- التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية: التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية هو مفتاح تحقيق إنتاجية عالية؛ فهذه الإجازة تسمح للمرأة العاملة بتحقيق هذا التوازن من خلال تخصيص وقت لرعاية مولودها والتعافي من ضغوط الولادة؛ وبالتالي تعود إلى العمل بشعور أكبر بالراحة والقدرة على التركيز.
وقد جاء قانون الحماية الاجتماعية ليكون خطوة مهمة في دعم المرأة العاملة في سلطنة عمان؛ إذ نص القانون على منح المرأة إجازة أمومة مدفوعة الأجر مدة 98 يومًا، مع إمكانية أخذ 14 يومًا منها قبل الولادة، وهذا القانون لا يقتصر على العاملات العمانيات فقط، بل يشمل العاملات غير العمانيات؛ مما يعكس التزام السلطنة بدعم المرأة في مختلف جوانب حياتها، كما يضمن القانون استمرار دفع الأجر الكامل للمرأة خلال فترة إجازة الأمومة؛ مما يعزز من استقرارها المالي، ويخفف من الضغوط الاقتصادية التي تواجهها في هذه المرحلة.
إن إجازة الأمومة ليست مجرد حق للمرأة العاملة، بل هي أداة أساسية لتعزيز إنتاجية المرأة وتوفير بيئة عمل داعمة ومستقرة، من خلالها تستطيع المرأة المساهمة بفعالية أكبر في حياتها المهنية مع الحفاظ على دورها الحيوي في رعاية الأسرة، ويعكس قانون الحماية الاجتماعية في سلطنة عمان هذا الالتزام بتعزيز مكانة المرأة، مما يضمن لها حقوقًا متساوية وفرصًا للنمو والنجاح في جميع المجالات.