يوم العمال العالمي
نبهان بن أحمد البطاشي، رئيس مجلس إدارة الاتحاد العام لعمال سلطنة عُمان
إنّ يوم العمال العالمي هو الذكرى السنوية، التي يحتفي بها عمال العالم أجمع في الأول من مايو من كل عام، وهي مناسبة عمالية مهمة لاستذكار الإنجازات المحققة، والتي كان أبرزها صدور قانوني العمل والحماية الاجتماعية مؤخرًا ، وعدد من القرارات الوزارية المنظمة.
كما تعتبر هذه المناسبة فرصة للوقوف على أبرز التحديات التي تواجه العاملين بالقطاع الخاص بالسلطنة خلال هذه المرحلة الراهنة، ساعين – من خلال تعاوننا وشراكتنا مع كل الأطراف ذات العلاقة – إلى تطوير بيئة العمل في القطاع الخاص، والوصول بسوق العمل إلى مستويات متقدمة، تساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني، وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة؛ لتأمين الحياة الكريمة لجميع العمال.
ويسعدني في هذه المناسبة أن أعبر عن اعتزازنا الكبير بممثلي الهياكل النقابية المختلفة، الذين بذلوا ما لا ليس بمقدورنا أن نحصيه من جهود لمعالجة العديد من القضايا والتحديات التي تواجه العاملين بمنشآت القطاع الخاص؛ وذلك من خلال الحوار الاجتماعي الفعّال، والتي كان من أبرزها الإنهاء الجماعي والفردي لعقود العمل للقوى العاملة العمانية؛ وهي قضية تشكّل هاجسا يؤرق شريحة كبيرة من العمال؛ لما تحمله من آثار سلبية عديدة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.
إن سوق العمل يشهد خلال هذه المرحلة متغيرات نوعية فاقمت من قضية الإنهاء الجماعي لعقود العمل، من أبرزها توسع أنواع التعاقدات بين العمال وأصحاب العمل، الذي يفتقر أغلبها لطابع الاستدامة، وتشمل العقود المؤقتة، والعمل لبعض الوقت، ونظام العمل بالساعات؛ وعلى الرغم من الجهود التي بُذلت في تعزيز الحماية القانونية لتنظيم حالات إنهاء عقود العمل من خلال مواد قانون العمل الجديد، وتعزيز الحماية الاجتماعية للمنهاة خدماتهم، لا يزال العامل الاقتصـــــــادي يبقى هـــــو الســـــبب الرئيـــسي لاسـتمـرار حـالات إنهـاء عقـود العـمـل؛ إذ تعاني العديد من منشآت القطاع الخاص من تحديات اقتصادية عديدة، لعل أبرزها انتهاء المشاريع المسندة إليها أو إفلاس تلك المنشآت وإحالتها إلى التصفية.
إنّ هذه الأشكال الجديدة من التعاقدات بين العامل وصاحب العمل هي -بلا شك- من نتاج التغيرات التي طرأت على أنماط العمل الجديدة، ومن ثمار التحولات الاقتصادية المعاصرة، التي باتت تفرض على سوق العمل تحديات عديدة، منها محدودية الفرص الوظيفية المتاحة بمنشآت القطاع الخاص؛ ومن هنا تلح علينا الحاجة لضمان توفر الفرص الوظيفية المستدامة لأبناء وطننا العزيز وضمان استمرارهم في اكتساب الخبرة والمهارة التي يتطلبها سوق العمل.
ونحن -إذ نحيي المبادرات الوطنية القائمة في هذا الصدد والتسهيلات المقدمة للاستثمار والدعم للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة- نود أن نؤكد على أهمية اتساق تلك المبادرات مع المنظومة الاقتصادية لضمان توفير فرص وظيفية مستدامة، تؤمّن للعامل الدخل اللائق والدائم، وتتيح المجال للتطور المهني، والتقليل من أشكال العلاقات التعاقدية المؤقتة، مع إيماننا بأن المتغيرات الاقتصادية الراهنة التي يشهدها الاقتصاد الوطني قد تتطلب تشغيل قوى عاملة بصورة مؤقتة في بعض الوظائف.
إن مواكبة هذا النوع من التحولات في العلاقات التعاقدية لا يتأتى إلا من خلال تطوير قدرات ممثلينا على استقراء التغيرات المحتملة على العلاقات التعاقدية مستقبلا، والمساهمة لضمان استدامة الوظائف من خلال الحوار الاجتماعي الفعّال، فضلا عن تأهيل العمال لمواكبة المتغيرات التكنولوجية، والمتطلبات المستجدة في بيئة العمل؛ وذلك من خلال تعزيز ثقافة التعلم المستمر، واكتساب المهارات الجديدة.
ونرى من الواجب أن ننتهز هذه الفرصة لنكرر تضامننا مع أشقائنا العاملين – في دولة فلسطين وقطاع غزة بوجه خاص – في العدوان الغاشم المستمر من قوات الاحتلال الإسرائيلي، والذي نتج عنه شلل كامل في شتى مناحي الحياة، مؤكدين على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار ورفع الحصار وإعادة الإعمار، ودعوة المجتمع الدولي لمحاسبة المتورطين في جرائم العدوان الإسرائيلي، وضمان عدم تكرارها مستقبلا، وتكثيف الجهود الإنسانية لضمان حياة كريمة آمنة للطبقة العاملة وعموم الشعب الفلسطيني الشقيق.
كما يسعدني بهذه المناسبة أن أخص بالشكر الزملاء في وزارة العمل وغرفة تجارة وصناعة عُمان ومنشآت القطاع الخاص الداعمة للعمل النقابي على تبنيهم نهج التعاون والتكامل والحوار لخدمة أهداف المنظومة النقابية بالسلطنة، مؤكدين حرصنا الدائم على إيلاء هذه العلاقة كل مسببات الاستمرار، ومؤكدين -كذلك – التزامنا بالمشاركة الفعّالة في تنفيذ أهداف هذا الوطن العزيز وتطلعاته، والتي رسم ملامحها عاهل البلاد المفدى، حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ، حفظه الله ورعاه.