مقالات أخرى

الريادة الاجتماعية الإيجابية نحو قضايا المجتمع

أحمد بن علي العمودي، مستشار سعودي متخصص في الإعلام والعلاقات العامة والمسؤولية المجتمعية

الريادة مفهوم يرتبط بعملية تكوين شيء ما مختلف ذو قيمة عن طريق تكريس الوقت والجهد الضروري؛ إذ يمتاز رواد الأعمال بالكثير من المميزات التي تجعلهم يعاملوا كقادة.

والريادة تعتبر مصدرًا للأعمال الجديدة، وأملًا للشباب المبتكرين والمتطلعين للعب دورهم الخاص في خدمة الاقتصاد والمجتمع، وتحقيق أحلامهم وآمالهم الكبيرة من خلال البدء بمشروعات صغيرة، سرعان ما تكبر وتتنامى حتى تصبح محركات عظيمة لعجلة التقدم؛ فمسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة، وأكبر الإنجازات في عالمنا كانت في البدء مجرد فكرة أو حلم رائع صغير.

الجميل في الريادة في مجال الأعمال والريادة الاجتماعية أنها ترتبط بثلاثة أبعاد، تشمل الابتكارية، وتمثل الحلول الإبداعية غير المألوفة لحل المشكلات وتلبية الحاجات، والتي تأخذ صيغًا من التقنيات الحديثة والمخاطرة وهي عادة ما تحتسب وتدار، وتتضمن الرغبة لتوفير موارد أساسية لاستثمار فرصة مع تحمل المسؤولية عن الفشل وكلفته، والاستباقية وتتصل بالتنفيذ مع العمل في أن تكون الريادة مثمرة.

ومنذ أن ظهر مفهوم المسؤولية المجتمعية بشكل ملحوظ، وبدأ يأخذ مكانًا عام 1950 حتى أصبح يظهر جليّا في العقد الأخير، وبدأت منظمات الأعمال في إظهار مسؤولياتها المجتمعية بشكل أكثر جدية في إدارة إستراتيجياتها والتقارير الاجتماعية لأصحاب المصالح فضًلا عن إبرازها عبر مسميات مختلفة؛ إذ تشير جميعها إلى المسؤولية المجتمعية مثل المساءلة الاجتماعية والأخلاق التنظيمية والمواطنة الصالحة وغيرها.

وأكد العديد من الباحثين على أهمية الاستثمار في المجالات المختلفة للمسؤولية المجتمعية؛ بحيث أصبحت تعد إستراتيجية؛ لكونها تجلب منافعكثيرة للمنظمات كزيادة المبيعات أو تعزيز الصورة الذهنية.

وقد أشارت العديد من الدراسات إلى الفوائد المتزايدة التي تجنيها المنظمات الريادية من جراء تبنيها للمسؤولية المجتمعية؛ في عملها من خلال إستراتيجياتها التنظيمية، وعددت هذه الدراسات أهم فوائد تطبيق المسؤولية المجتمعية مثل زيادة إنتاجية الموظفين ورضا المستهلكين وتحسين سمعة المنظمة لدى شرائح المجتمع؛ وبالتالي زيادة مبيعاتها وارتفاع قيمة أسهم المنظمة وتحقيق الولاء لها وانخفاض عدد الدعاوى القضائية، إلى جانب الفوائد التي حققتها بالنسبة للمجتمع من خلال تعزيز الصحة والتعليم والمساهمة في التطوير والتنمية وحماية البيئة والحفاظ على الثروات الطبيعية للأجيال القادمة.

وتتمثل أدوار المنظمات الريادية في تحقيق المسؤولية المجتمعية من خلال المساهمة المجتمعية التطوعية، والتي تلقى اهتمامًا كبيرًا في معظم دول العالم عبر الهبات الخيرية وبرامج التطوع والاستثمارات المجتمعية طويلة الأمد في مجالات الصحة والتعليم والمبادرات الأخرى ذات المردود المجتمعي، ويجدر التنويه هنا إلى أن عددًا من الشركات المتعددة الجنسية، تلتزم بالتبرع بنسبة % 1 من أرباحها قبل خصم الضرائب لخدمة القضايا المجتمعية، وتعمل بعضها على إنشاء مؤسسات وقفية لتقديم منح للمنظمات الدولية، غير الهادفة للربح أو العاملة في الدول النامية.

كما تهتم المنظمات الريادية بمنسوبيها من خلال التفاعل النشط معهم وتحسين ظروفهم وتعظيم فرص التنمية المهنية لهم ولأبنائهم فضًلا عن تطبيق إجراءات تقليل استهلاك الطاقة والمخلفات، وإلى جانب صدق الاتصالات مع عملائها وسهولتها، ومواثيق الشرف، وتلبية الاحتياجات، وبرامج بناء القدرات، ومساعدة مورديها وموزعيها على تحسين أداء قوة العمل، والحد من الضرر البيئي إلى جانب المشاركة في قضايا التنمية بمفهومها الأوسع من خلال المبادرات المختلفة.

السؤال هنا كيف أكون رائدًا في الأعمال المجتمعية؟

يجب أن نتفق على أن مفهوم الريادة الاجتماعية تتمثل في استخدام الأساليب الإبداعية والمبتكرة التي تحقق تأثيرًا اجتماعيّا، واسع النطاق، وهي ريادة أعمال بصفة عامة، ولكن بهدف الوصول إلى تأثير مجتمعي، وليس تجاريّا.

ويتميز رواد الأعمال المجتمعية بأنهم أداة للتغيير؛ إذ يعملون على التعرف على الاحتياجات الاجتماعية واستخدام الأساليب المبتكرة في الإدارة لتأسيس مبادرات ومشاريع للمساهمة في تنمية مجتمعاتهم من خلال أعمالهم بشغف وإبداع، وهنا يجب التنبه لأمر هام بأن المسؤولية المجتمعية للمنشآت يمكن إطلاقها عبر مبادرات ومشروعات اجتماعية مع ضرورة أن تؤسس لتحقق النجاح والاستدامة لذاتها وللمجتمع إلى جانب الأهمية في أن تكون هذه المبادرات جديدة ومبتكرة، لها تأثير اجتماعي تنموي حقيقي.

ومهما كانت المبادرات المجتمعية بسيطة في ظاهرها فإن تجميعها وتلاحمها سيشكل فرقًا بالتأكيد في المجتمعات؛ لذا يجب عدم الاستهانة بما نفعله وإن كان بسيطاً.. فالمبادرات الكبيرة بطبيعتها تولد من أفكار بسيطة.

قانون غاندي يقول: “الفرق بين ما يفعله الانسان وبين ما يستطيع أن يفعله يكفي لحل كل مشاكل العالم.” هذا القانون هو المحرك والمنطلق للريادة الاجتماعية؛ لذا يجب أن يكون شعار رواد الأعمال هو أن ما نفعله على أرض الواقع مقارنة بما نستطيع أن نفعله في حياتنا يكفي لحل مشاكلنا اليومية. فكل فرد حسب قانون غاندي له أهمية فلو استطاع كل إنسان أن يفعل كل ما يستطيعه فسيحدث فرقاً في مكان ما أو زمان ما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى