مقالات أخرى

الجدارات الوظيفية لتطوير أداء القيادات في المؤسسات والقطاعات الحكومية والخاصة

ليلى بنت سالم السلامية، رئيسة قسم القبول والتسجيل، جامعة التقنية والعلوم التطبيقية بمسقط

أصبح التقدم العلمي والتكنولوجي في الألفية الثالثة يسعى إلى النمو المطرد في نشاطات الدول وقطاعاتها، الأمر الذي يتطلب دومًا إدارات قوية ومتقدمة، قادرة على مواجهة التحديات التي فرضها هذا التقدم، وأيضًا موردًا بشريّا، لديه الفن في إدارة الجهاز الإداري بفطنة ودراية وإخلاص وكفاءة؛ ومن هنا ازداد الطلب على الكفاءات القادرة على قيادة عملية التنمية، وأصبحت التنظيمات الإدارية في حاجة إلى أن تُقاد بدلًا من أن تدار.

لذلك اهتمت أغلب الدول المتقدمة والناهضة بوضع برامج تهدف إلى شحذ المهارات الإدارية للموظفين الذين ترى أن لديهم قدرات قيادية مرتبطة بخبرات علمية وعملية، وتزويدهم بالنظرة الشاملة لتتسع آفاقهم في التفكير للنهوض بأعباء القيادة للأجهزة الإدارية المعقدة في الدولة الحديثة؛ من أجل الارتقاء بمستوى التعليم والثقافة للعاملين بها؛ فالقيادة تساعد على تحريك الآخرين في المنظمة لتحقيق أهدافهم، ومواجهتهم للتحديات المستقبلية، وإلهام الآخرين بأداء الوظائف والمهام بطريقة مختلفة، وتحويل القيم إلى رؤى وحقائق.

وهذا يتطلب تطوير المهارات القيادية من خلال التدريب والتوجيه المستمر للقادة، الأمر الذي يفضي إلى تطوير طريقة تفكير هؤلاء القادة وسلوكياتهم، بل وتبني أفضل الممارسات في ميدان عملهم.

وفى ضوء الأوضاع الجديدة اتضحت حقيقة أساسية، ألا وهي الأهمية القصوى للعنصر البشري باعتباره الوسيلة الفعالة، والمصدر الحقيقي لإنجاز أي تطوير أو ابتكار في أساليب العمل والإنتاج، وهو في الحقيقة المصدر الأساسي لتنمية قدرات المنظمات على التنافس، ويعتبر الإنسان هو المصدر الحقيقي للقدرة التنافسية؛ إذ أنه يعد المورد الوحيد الذي يتمتع بمزية العقل والقدرة الذهنية للتفكير والإبداع الابتكار؛ فهو المصدر الحقيقي للتجديد والتطوير والابتكار ومن ثم التميز.

وعلى ذلك شغل موضوع الجدارات الوظيفية القائمين على تطوير أداء الموارد البشرية في المنظمات المختلفة، والتي يتأسس عليها عدد من الأنشطة وأعمال إدارة الموارد البشرية؛ إذ أصبحت عمليات تخطيط واختيار الموارد البشرية والتدريب وتقييم الأداء وغيرها تعتمد على الجدارات الوظيفية التي امتد أثرها إلى قطاع الأعمال بشكل عام.

فالجدارة هي: أي معرفة أو مهارة أو قدرة أو اتجاه أو سلوك أو صفة شخصية يمكن ملاحظتها وقياسها؛ ولا بد من توفرها لممارسة أي عمل أو وظيفية؛ بحيث تساهم في تحسين الأداء الوظيفي، وهذا يعني الصفات الشخصية أو المهارات أو القدرات أو السلوكيات أو المعارف التي يتمتع بها الموظف، ولا بد أن تكون قابلة للملاحظة والقياس، وتكون ضرورية لممارسة مهام وظيفية تسمى الجدارات الوظيفية.

ويرجع مصدر مفهوم الجدارات إلى مصادرها الأساسية في بحث ديفيد مكليلاند 1973 الذي بدأ في 1970 بتحديد الجدارات التي يمتلكها الموظفون من المعرفة والمهارات والقدرات والسمات الشخصية المطلوبة، وأشار إلى أن الجدارة هي السمات الأساسية المرتبطة بالفرد وتكون سببًا رئيسيًّا مرتبطًا بالأداء الفعال أو الأداء المتفوق في وظيفة بأنها خاصية ضمنية للشخص، لها علاقة Competence أو موقف معين وعرفت الجدارة سببية بأداء متفوق فعال يعتبر مرجعًا معياريًّا للوظيفة أو الحالة، والخاصية الضمنية:

تعني أن الجدارة عميقة ومتأصلة في شخصية الفرد بصورة كافية؛ لأنها تمكن من التنبؤ بالسلوك في العديد من الحالات والمهام الوظيفية. وعلاقة سببية: معناها أنه بإمكان الجدارة أن تتسبب بالتصرف والأداء، كما هو موضح والمرجع المعياري: معناه بإمكان الجدارة أن تتسبب أو تتنبأ بالشخص الذي يجيد أو لا يجيد القيام بعمل ما؛ وذلك قياسًا على معيار، أو مواصفات معينة. ويعتبر المرجع المعياري أمرًا في غاية الأهمية في تعريفنا للجدارة؛ فالخاصية لا تعتبر جدارة إذا أنبأت عن شيء له معنى في العالم الحقيقي؛ إذ أشار عالم النفس، وليام جيمس: إن أول قانون على العلماء اتباعه هو الآتي (الفارق الذي لا ينتج عنه فارق ليس بفارق)؛ فالخاصية أن الشهادة التي لا تؤدي إلى فارق في الأداء ليست بجدارة، ولا يجب استخدامها لتقييم الأداء.

وهنا يتضح لنا بأن الجدارات الوظيفية تفرق بين الأداء الوظيفي للموظف المتميز والأداء الوظيفي للموظف المتوسط، وتتمثل بمجموعة من القدرات والمهارات والاتجاهات والمعارف المتقدمة للمنظمة التي يصعب تقليدها على أقل تقدير في المدى القريب، وأيضا تساهم في تحقيق المزية التنافسية للمنظمة؛ مما يجعلها ذات أداء عال، ومتفوقة على منافسيها في نفس المجال.

ومما سبق يمكن القول إن أهمية الجدارات الوظيفية لتطوير أداء القيادات تدعو إليها عدة أسباب وهي:

– التوجه المعاصر والحديث للوظائف بتحديد المهارات والسلوكيات لأداء الموظف للوظائف؛ لإنجاز الأعمال بالأداء المتفوق العالي.

– تحديد القدرات والمعارف للمنظمة التي تحقق المزية التنافسية في جميع المجالات الأكاديمية والوظيفية على مستوى المنظمات الأخرى.

-التنمية المستقبلية للمنظمة وامتلاكها ثقافة تنظيمية، تساعدها على مواجهة التحديات والصعوبات، والقدرة على تصور التوقعات المستقبلية لتحديد الكفاءات المطلوبة للاحتياجات المستقبلية للمنظمة.

———————————————————————————-

المراجع:

1. القيادة الإدارية، نواف كنعان ، عُمان: مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع.

James.M.Kouzes and Barry.Z.Pos- .2

ner ,The Leadership Challenge,San

.Francisco, JOSSEY- BASS

Hermana Ibarra ,Act Like a leader, .3

Think Like a Leader , USA :Library of

.congress Cataloging

4. إدارة الموارد البشرية، على السليمي. القاهرة :دار غريب للنشر والطباعة.

5. دليل الجدارات الوظيفية : إصدارات منتدى العربي للموارد البشرية .

6. إدارة الجدارات والموهبة، حميد الطائي وأحمد على صالح ودينا فاضل جهاد الأردن: دار اليازوري للنشر والتوزيع.

7. الجدارة فى العمل (نماذج للأداء المتفوق)، لايل م سبنسرالأصغر وسيجان السعودية: معهد الإدارة العامة مركز البحوث الإدارية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى