الحماية الاجتماعية استحقاق أم التزام
خالصة بنت ناصر الرحبية، مشرف إعلام، الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية
سعى الإنسان عبر حقب زمنية عديدة إلى البحث عن طرق تُمكنه من ممارسة حياته بشكل آمن، بدافع فطرة جُبِلت عليها كل مخلوقات الله، ويعد الإحساس بالأمن والأمان من أهم الضروريات التي يسعى الإنسان إلى تحقيقها أثناء سعيه في مناكب الأرض، في ظل ما تحيق به من مخاوف اجتماعية واقتصادية عديدة، مثل المرض والشيخوخة والعجز وإصابات العمل.
فشرع في التفكير في الوسائل المتاحة لمواجهة تلك المخاوف، فكان أول الأمر التعاون على نطاق الأسرة، ثم طلب المعونة من المقربين والمحيطين به، ثم جاءت فكرة الادخار، فيحفظ قرشه الأبيض ليومه الأسود؛ إلا إن كل هذه السبل لم تكن بالكافية لتلبي حاجاته المختلفة، فكان لزاما عليه البحث عن وسائل أخرى تؤمن له الحياة الكريمة دون الحاجة للسؤال، فأوجد ما يسمى بـالحماية الاجتماعية.
يمثل مفهوم الحماية الاجتماعية دعامة أساسية من دعائم التنمية الاجتماعية في أي مجتمع، من خلال المبدأ الذي تعمل عليه وهو تأمين الحياة بأقل خطر ممكن وتوفير الرعاية لأبناء المجتمع، وتعد منظومة الحماية الاجتماعية بشكل عام فاعلة، إذ تعمل على رفع معدلات الإنتاج الوطني، وتحقق معدل نمو للدخل المحلي، بالإضافة إلى توفير الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للمجتمعات.
ولعل الفكرة الأولى التي تتبادر إلى الذهن عند مصادفة مصطلح الحماية الاجتماعية هي فكرة التأمين، لاعتبار إن التأمين خدمة مؤجلة، وتعتمد على الاحتمالية – ربما تتحقق وربما لا – وغالبا ما يغلب التفاؤل بعدم وقوع الخطر؛ لذا يواجه التأمين آراء متذبذبة بين قبول ورفض، ويصل الأمر أحيانا إلى التهرب من التأمين، وعلى الرغم من قدم مفهوم التأمين وأهميته، إلا إنه لا يزال مجهولا فنا وشرعا لدى الكثير من الناس.
إن اتساع نطاق المعرفة بمفاهيم الحماية الاجتماعية لا يمثل هدفا في حد نفسه، بل هو وسيلة مهمة لغاية إيصال ثقافة الحماية الاجتماعية إلى الفرد المعرض للخطر، مثل الشيخوخة، العجز، الوفاة، التسريح عن العمل؛ من أجل إقناعه في الحصول على التأمين والاشتراك فيه.