برنامج قياس الأداء الفردي، وتشجيع الكفاءة المؤسسية بين المطرقة والسندان
هدى الريامية، مساعدة مديرة مدرسة أمامة بنت الحارث
يعتبر قياس الأداء جزء أساسي في بيئة العمل، ويلعب دورًا حيويًا في تعزيز قدرة الموظفين وتحسين خدمات المؤسسة ومخرجاتها؛ وبالتالي تختار الإدارة الفعالة المنهجية الأكثر فاعلية لتقدير أداء الموظف؛ وفي هذا الصدد قد اعتمدت حكومة السلطنة نظامًا جديدًا لتقييم موظفيها من أجل تمكين خدماتها وتعزيز القطاع العام لزيادة كفاءته؛ ويُعرف هذا النظام بأنه برنامج لقياس الأداء الفردي، يهدف إلى تشجيع الكفاءة المؤسسية بين الموظفين، وتجدر الإشارة إلى أن التجربة الأولية للنظام كانت في يونيو 2021، وقد تم تطبيق النظام بشكل فعلي في مطلع بداية عام 2022؛ إذ يشمل كافة الموظفين العاملين في القطاع العام.
يتكون النظام من ثلاثة مؤشرات هي الخطة السنوية للوحدة، ومؤشرات الأداء الرئيسية، والأهداف والنتائج الرئيسية؛ وستبدأ المؤسسات العامة مرحلة جديدة من خلال تطبيق مؤشر واحد وهو الأهداف والنتائج الرئيسية؛ وسيتم تطبيق المؤشرات الأخرى بشكل تدريجي.
إن هذه الخطوة قد جعلت تطبيق النظام موضوعًا مثيرًا للجدل بين المواطنين، وقد أكدت الحكومة أن النظام محل إشادة على المستوى الدولي، وقد تم تطبيقه في العديد من الشركات والهيئات بالسلطنة، مثل، هيئة تنظيم الاتصالات والشركة العمانية لخدمات المياه والصرف الصحي (ديم).
إن توجه الحكومة هو الاستفادة من مزايا البرنامج التي توفر التغذية الراجعة الدورية والشفافية، وزيادة الولاء للعمل، ومكافأة الموظفين المتميزين، وتسهيل تنفيذ الخطط، ونشر ثقافة المنافسة بين الموظفين، والاستفادة من الموارد البشرية بشكل فعال. هذا هي بعض الجوانب الإيجابية للبرنامج، لكنه في المقابل له العديد من العقبات.
سيبدأ البرنامج بمؤشر واحد فقط، وهو الأهداف والنتائجة الرئيسية الذي يتعلق بالفرد نفسه؛ وهذا يعكس جو العمل نفسه؛ وفي واقع الأمر لا يمكن للمريض أن يشفى في نفس البيئة؛ وهو الأمر نفسه بالنسبة للعامل؛ فلا يمكن أن يكون مبدعًا ومهنيًا في نفس بيئة العمل؛ لذلك يعد تغيير مكان العمل ليكون جذابًا أمرًا لا بد منه لكسب ثمار هذا البرنامج.
إن تعيين الأهداف وفقًا للأهداف والنتائج الرئيسية يكون بشكل تسلسلي، وقد وضعت هذه التوجهات لتلائم المستويات الدنيا، مثل: مستويات المؤسسة، ومستويات الأقسام، ومستويات الفريق، ثم المستويات الفردية. إن هذه الملاءمة جزء مهم من مؤشر الأهداف، وهي تبقي المؤسسة في المسار الصحيح؛ لذلك فإن أي خطأ في أعلى التسلسل الهرمي سيكون له تأثير على أداء العامل إما على شكل فراشة أو شكل تعاقبي.
فضلا عن ذلك، فإن وجود الخطط الواضحة للمؤسسات، والوصف الوظيفي الواضح لكل موظف أمر لا بد منه لصناعة الأهداف؛ فبعض المؤسسات ليس لديها خطة وأهداف عمل واضحة، ويعاني الموظفون من تداخل الأوصاف الوظيفية ببعضها، خاصة بعد دمج بعض الوزارات والهيئات بموجب المرسوم السلطاني رقم (38)؛ عليه من الممكن صناعة أهداف عشوائية، وفي هذه الحالة لن يتم تطبيق الأهداف والنتائج الرئيسية بشكل فعال.
علاوة على ذلك، يقول آدم نوار، رئيس دبليو أف أتش أدفايزر: مؤشر الأهداف والنتائج الرئيسية جزء من ثقافة وإدارة التعاون، ويعتبر نشر ثقافة مؤشر الأهداف والنتائج الرئيسية عبئا ثقيلا على إدارة القطاع العام لأسباب عديدة. ضع جانبا العقلية التقليدية لبعض قادة التغيير الذين يخافون من التغيير وغير المؤهلين لتقييم أهداف الموظفين وإعطاء موظفيهم ملاحظات حول ذلك؛ نتيجة لذلك لن يكون تقديرهم لأداء الموظفين احترافيًا، ولن يحسن بيئة العمل؛ وفي نفس النطاق في تلك المؤسسات، الموظفون الأكبر سنًا الذين اعتادوا على القيام بنفس الروتين لمدة عشرة أو عشرين عامًا؛ ومن الممكن تحدي نقل هؤلاء الموظفين من منطقة الراحة الخاصة بهم إلى جو مهني طموح؛ إذ ستكون أهدافهم ضعيفة تجاه مهامهم اليومية، لا تجاه التغلب على العقبات.
بشكل عام، وعلى الرغم من اعتماد مؤشر الأهداف والنتائج الرئيسية من قبل العديد من الشركات الكبرى، مثل: جوجل، وإنتال؛ فلا يمكن للقطاع العام بالسلطنة اعتماد هذا البرنامج بشكل أعمى؛ فينبغي مراعاة خصوصية سوق العمل المحلي؛ وينبغي أيضًا إجراء تقييم سنوي للبرنامج لتعديله؛ وبشكل عام أي نظام مبادرة هو بمثابة عملة ذات وجهين، علينا أخذ فوائدها وتجنب عيوبها.