العمل الإضافي في القانون العُماني
مريم بنت صالح الطائية، محامية وباحثة ماجستير في القانون الخاص
العمل هو مجموعة من المهام والواجبات التي تُسند إلى العامل الذي يعمل لدى صاحب عمل في جهة معينة، يؤدي العامل هذا العمل مقابل أجر يتفق عليه مع صاحب العمل بما يتناسب وأحكام القانون؛ وعليه فإنّ العمل الذي يؤديه العامل قد يكون ذهنيًّا فقط، وقد يكون جسمانيًّا فقط، وربما يكون ذهنيًّا وجسمانيًّا معا.
وقد جاء القانون مراعيًّا الطبيعة الإنسانية والجسمانية للعامل، محددًا ألا تزيد ساعات العمل على 9 ساعات في اليوم الواحد، وبحد أقصى 45 ساعة عمل في الأسبوع، على يتخللها على الأقل نصف ساعة لتناول الطعام والراحة، كما لم يغفل المشرع عن تحديد ساعات العمل في رمضان، مراعيًّا الحالة الجسمانية للعامل وقت الصيام؛ إذ حددها بـ 6 ساعات في اليوم أو 30 ساعة فـي الأسبوع كحد أقصى؛ وذلك بالنسبة إلى العمال المسلمين.
ونظرًا لتلك الاعتبارات الإنسانية والأخلاقية، وحتى لا يقل إنتاج العامل أو يقصر في القيام بواجباته ومسؤولياته تجاه عمله؛ بسبب التعب والإجهاد الذي قد يصيبهُ من جراء بقائهِ في العمل فترات وساعات أطول؛ جاءت أغلب التشريعات في العالم لتنظم ما يسمى بالعمل الإضافي، ومنها قانون العمل العماني رقم 35/2003 والذي عرف العمل الإضافي بأنه: العمل الذي ينفذ في الساعات التي تتجاوز ساعات العمل المقررة في هذا القانون.
فإعمالا بنص المادة (70) من ذات القانون السالف الذكر يجوز تشغيل العامل ساعات عمل إضافية، ولكن بشروط معينة، حددتها المادة الآنفة الذكر ونصوص القانون، وهي بصورة شارحة:
- أن تقتضي مصلحة العمل ذلك؛ بحيث لا يكون إسناد العمل الإضافي للعامل على سبيل التعسف لا أكثر، دون أن تقتضي مصلحة العمل بقاءه ساعات إضافية.
- ألا يزيد مجموع ساعات العمل الأصلية الإضافية على 12 ساعة في اليوم الواحد؛ فكما ذكرنا سابقًا، وإعمالًا بنص المادة (68) من ذات القانون لا يجوز تشغيل العامل أكثر عن 9 ساعات يوميًّا.
- أن يمنح العامل أجرًا إضافيًّا يوازي أجره الأساسي، محسوبًا وفق ساعات العمل الإضافية، مضافًا إليه 25% على الأقل عن ساعات العمل النهارية، و50% على الأقل عن ساعات العمل الليلية، أو أن يمنحه إذنا بالتغيب عن العمل بدلا من الساعات التي قام فيها بعمل إضافي؛ بشرط أن يوافق العامل على العمل الإضافي والأجر كتابةً؛ فلا يكتفى بالموافقة الشفهية؛ وذلك حفاظا على حقوق العامل من تعسف صاحب العمل، وكذلك حتى لا يخل العامل بواجباته تجاه صاحب العمل.
- وفيما يتعلق بالأعمال التي تجري في الموانئ والمطارات أو على متن السفن أو البواخر أو الطائرات، أو أية أعمال مماثلة، تحدد من وزير العمل فإن القانون ألزم جهة العمل الاتفاق مع العامل على صرف علاوة بدلا من الأجر الإضافي؛ شريطة الحصول على موافقة وزارة العمل على هذا الاتفاق.
- ألا يكون العامل المسند إليه العمل الإضافي حدثًا؛ إذ حظر القانون تكليف الأحداث الذين تقل أعمارهم عن 18 عامًا في جميع الأحوال بساعات إضافية أو إبقاءهم في مكان العمل بعد المواعيد المقررة لعملهم، والتي حددتها نصوص القانون بـ 6 ساعات في اليوم الواحد.
وختامًا فإن العمل الإضافي ذو فائدة تعود للفرد العامل؛ لأنه يمنحه فرصة زيادة مدخوله الشهري، وفائدة أخرى تعود على رب العمل تتمثل في زيادة إنتاجية المنشأة، ولكن وفق أسس قانونية وضوابط نظمتها أغلب التشريعات، ومنها المشرع العماني الذي راعى كلا من مصلحة العامل ومصلحة رب العامل مثلما ذكرنا بالتفصيل آنفا.