مقالات أخرى

تحقيق عقد اجتماعي جديد

شويا يوشيدا، الأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات بمنطقة آسيا والمحيط الهادئ

في المؤتمر العالمي الرابع للاتحاد الدولي للنقابات في كوبنهاجن في ديسمبر الماضي، التزمنا جميعا بالسعي الدؤوب لتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال عقد اجتماعي جديد؛ إذ أكدت اللجنة العالمية المعنية بمستقبل العمل والتابعة لمنظمة العمل الدولية على حاجة الحكومات ومؤسسات العمال وأصحاب العمل على حد سواء إلى تجديد العقد الاجتماعي.

الحاجة إلى عقد اجتماعي جديد

بدأت بعض العلامات المبشرة في الظهور، فمنذ الركود العالمي الذي أعقب إفلاس بنك (ليمان براذرز) في خريف عام 2008 م، تجدد الوعي بحدود السوق على نطاق واسع وشهد العالم تزايد أمثلة واضحة على الفقر وعدم المساواة، كما انتشرت دعوات لتغيير النموذج السياسي بين مختلف فئات المواطنين ومن مختلف الأجيال.

وقد انعكس هذا الاتجاه في أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، وإعلان منظمة العمل الدولية المئوي لمستقبل العمل لهذا العام وغيرها من المناقشات حول السياسة العالمية، إلا إنه لن يتم تطبيق نموذج التحول بالكامل على المستوى الوطني.

وعلى الجانب الآخر، تشهد التعددية أزمة واضحة مع تزايد القلق بشأن العولمة؛ إذ تستند التعددية إلى التعاون الدولي الذي يربط الدول المتفرقة بالهدف المشترك للحفاظ على السيادة الوطنية وضمان التقاسم العادل والمنصف للمسؤوليات في القضايا التي تتطلب استجابة دولية، مثل الصراعات والهجرة والأسلحة النووية وتغير المناخ.

ومع ذلك، فإن البعد الاقتصادي -الذي يهدف إلى تحرير التجارة والاستثمار- قد سيطر على عملية صنع السياسات العالمية، وعزز نموذج النمو الذي أدى إلى تفشي عدم المساواة؛ مما أسفر بدوره عن ردة فعل شعبية ضد العولمة والمؤسسات المتعددة الأطراف الحالية.

فعلى سبيل المثال، يساور الكثيرين شعور بالقلق من أن يشعل التدفق المتزايد للعمال المهاجرين المنافسة في سوق العمل وأن يرفع من معدل الإنفاق العام؛ إذ نجد أن آراء مثل (بدأ دخلي ينخفض) أو (فقدت وظيفتي بسببهم) بدورها تغذي العنصرية وكره الأجانب. إن هذا الاتجاه هو اتجاه معاكس تماما للقيم التي نؤمن بها، مثل المساواة والتسامح والعدالة الاجتماعية والتكافل.

إننا بحاجة ملحة إلى تحقيق العقد الاجتماعي الجديد حتى تحكم ديموقراطية السوق، وتؤثر في السياسات العامة بطريقة أفضل لضمان التوزيع العادل لمزايا الاقتصاد المعولم.

دور النقابات

يجب أن تتضافر جهود الحكومات والنقابات المهنية والعمالية لتعزيز مؤسسات العمل من أجل ضمان توفير القدر الكافي من الحماية لجميع العاملين، وبصفة خاصة فيما يتعلق بحقوق العمال الأساسية، والحد الأدنى المناسب للأجور، والحد الأقصى لعدد ساعات العمل، والصحة والسلامة المهنية.

كما يجب تقديم خدمات عامة ذات جودة عالمية والحفاظ عليها وتطويرها. أيضا يجب توفير نموذج جديد للتعامل مع أشكال الأعمال والتقنيات الجديدة، وكذلك أشكال التجارة الجديدة في مجال السلع والخدمات؛ وذلك لضمان توفير الحماية الكافية للعمال الذين قد يتأثرون، بما فيهم الشباب، ولفرض ضريبة على جميع أنواع الأعمال بهدف تعزيز آليات إعادة التوزيع وتمويل الضمان الاجتماعي الكافي.

الحوار الاجتماعي

إن الحوار الاجتماعي هو أحد المقومات الأساسية لبناء وتأسيس العقد الاجتماعي الجديد؛ إذ يجب على النقابات العمالية أن تؤدي دورا رئيسيا كمجتمعات للعمال وأسرهم، وأن تعكس أصواتهم بصور أكثر فعالية؛ ولتحقيق هذا الهدف على النقابات العمالية أن تفي بمتطلباتها الأساسية المتمثلة في دورها ككيانات تمثيلية ديموقراطية ومستقلة وموحدة.

إن الاتحاد الدولي للنقابات بمنطقة آسيا والمحيط الهادئ على أهبة الاستعداد للتعاون مع الاتحاد العام لعمال سلطنة عمان في هذه المهمة الهامة، واسمحوا لي أيضا أن أعبر عن تقديري العميق لثقة الاتحاد العام الدائمة في الاتحاد الدولي للنقابات بمنطقة آسيا والمحيط الهادئ ودعمه المتواصل له.

لا شك في أننا معا بجهودنا المتضافرة، مسلحين بالإرادة السياسية والابتكار والإبداع، سنتمكن من إحراز النتائج التي ستعزز من قضيتنا المشتركة، ألا وهي العدالة الاجتماعية للجميع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى