الواقع والطموحقضايا عمالية

عزيزتي المرأة العاملة.. لا تغفلي عن حقك!

علياء الجرانية، اختصاصي إعلام أول، الاتحاد العام لعمال سلطنة عُمان

من طرف زاوية كانت تشاهد معاملة المدير غير الأخلاقية مع إحدى زميلاتها في العمل، حيث كان الصراخ يعتلي المكان وانتهى بطردها من المكتب. وقفت غاضبة مستنكرة ما يحدث أمام عينيها من ظلم وأجحاف في حق العاملات.

أم سالم البالغة من العمر 45 عاماً تعمل عاملة نظافة في حرم احدى الجامعات المرموقة في البلاد منذ 9 سنوات، وتحمل شهادة ما دون الثانوية العامة، حيث لم تسنح لها الفرصة بإكمال دراستها.

تقول:” كنا فئة مظلومة جداً حيث دائماً ما تقوم الشركة باستقطاع أجورنا، كما أننا لا نحصل على المزايا الوظيفية كالعلاوة الدورية أو الاجازات الطارئة، كنا نعمل في بيئة عمل يسودها القهر والظلم” رددتها بحرقة وحسرة.

أم سالم هي واحدة من مئات النساء العاملات في القطاع الخاص ممن يواجهن تحديات صعبة في بيئة العمل وقد يصمدن ويتجاهلن ذلك خشية فقد مصدر رزقهن.

مرت السنة الأولى من عملها وهي تعاني من تلك الصعاب، وفي السنة الثانية راودت أم سالم فكرة تشكيل نقابة عمالية، بعدما أبلغها زوجها بذلك، وقد أسرعت بعقد اجتماع مع العاملات حيث كان أغلبهن من كبار السن ممن لا يعرفن الكتابة ولا القراءة.

فقد استغرقت أم سالم شهراً كاملاً لإقناعهن، وبعد محاولات عدة استطاعت أن تقنعهن وأن تلّم شملهن، وقد بدأت بالحديث عن أهمية تشكيل النقابة العمالية وكيف أنها ستحمي وتحفظ حقوقهن وتدافع عن مصالحهن.

وفي هذا الصدد تقول أم سالم:” استغرقت شهراً كاملاً في إقناع العاملات وبعد تجاوبهن معي قمت بتجهيز كافة المستندات المطلوبة لتسجيل النقابة ومضيت في استكمالها، وتم إشهار النقابة وإحضار الرسالة للمدير وفي ملامح وجهه الصدمة والاستغراب حيث لم يكن يتوقع ذلك”.

لم ينتهي الأمر إلى هذا الحد فقط، بل قام مدير شركتها بالضغط عليها من كافة الجوانب وقد قام بتوكيل محامِ بعد علمه بالمطالبات العمالية التي قامت أم سالم برفعها للإدارة، ورغم ذلك لم تقف أم سالم مكتوفة اليدين وإنما كانت تثقف نفسها وتتعمق أكثر وتعزز المعرفة لديها حول أهداف العمل النقابي والمهام الموكلة لرئيس النقابة وأبرز صلاحياته.

تقول:” كنت أقرأ كثيراً عن العمل النقابي وقبل أن أخطو أي خطوة أقوم باستشارة الاتحاد العام للعمال وكنت أنفذ كل شيء بطريقة قانونية، وبهذه الطريقة لم يستطع المحامي مخالفتي لأنني أتسلّح بالقوانين قبل تنفيذ أو طلب أي مطلب عمالي”.

بعد القصة تلك قد يتراود في أذهان الكثير أسئلة عدة من بينها:

  • هل المرأة على اطلاع تام بالقوانين والتشريعات خاصةً عند انخراطها للعمل في القطاع الخاص؟
  • هل تعلم المرأة ما هي واجباتها وحقوقها؟
  • ماذا عن اطلاعها على عقد العمل قبل التوقيع عليه؟
  • هل يوجد قصور في التوعية القانونية والنقابية؟

جميع تلك الأسئلة سنُجيب عليها من خلال الاستطلاع الصحفي التالي..

عقد العمل

تقول خولة الهنائية – رئيسة لجنة المرأة العاملة بالاتحاد العام لعمال سلطنة عُمان:” من الملاحظ –ولا نعمم- عندما تنخرط المرأة في القطاع الخاص سواء أكانت مؤهلة ومتخصصة في إحدى التخصصات أو غير مؤهلة، نلاحظ بأنها لا تعير عقد العمل أي اهتمام، كما أنها لا تسأل عما إذا كان عقد العمل دائماً أو مجرد عقد مؤقت، كذلك وجود قصور في القراءة عن حقوقها المنصوصة لها في عقد العمل مخافةً من أن تفقد وظيفتها، وهنا لابد لها أن تأخذ وقتاً كافياً في قراءة العقد وتطلع على حقوقها المنصوص عليها في العقد”.

التسجيل في الشركة بصفة قانونية

وهنا توجه خولة كلمتها للمرأة العاملة في القطاع الخاص وترشدها بضرورة أن يكون لها ملف يحتوي على كافة بياناتها الشخصية وتوضيح مهامها الوظيفية، والتأكد إذا تم تسجيلها بصفة قانونية في وزارة العمل وبالتالي في الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية، وتقول:” ما هو حاصل أن بعض النساء لا يطلعن على جميع ما ذكرته سابقاً وبعد سنوات يكتشفن أنهن غير مسجلات في وزارة العمل وبالتالي غير مسجلات في الهيئة العامة للتأمينات، فتذهب جهودهن سدى”.

ومن وجهة نظر خولة ترى بأن هناك تخوف من قبل المرأة ويتخيل في بالها أنها لو باشرت بالسؤال عن حقوقها فإنها بذلك ستفقد مصدر رزقها.

فترة الاختبار

وتستكمل خولة حديثها قائلة:” للأسف بعض العاملات ليست لديهن دراية عن فترة الاختبار ومدتها القانونية، وقد يفتحن مجالاً لإدارات الشركات باستغلالهن، حيث أنه لدينا بعض الحالات ممن قامت إحدى الشركات باستغلالهن ووضعهن في فترة الاختبار مدة تزيد عن 3 أشهر حيث قامت الشركة بوضعها كل 3 أشهر في قسم مختلف حتى تغطي النقص في الشركة، فهنا لابد للعاملات أن يقرأن سياسة عمل الشركة وكذلك قراءة لائحة العمل”.

السلم الوظيفي

وتضيف الهنائية:” لابد للمرأة أن تطلع على لائحة العمل وأن تتعرف على درجتها المالية وكيفية انتقالها من درجة إلى أخرى وآلية الترقي في السلم الوظيفي، ومعرفة ما إذا كان هناك معايير للتقييم السنوي، وكذلك الحال فيما يخص معرفة طريقة التظلم والاطلاع على المنافع والمزايا التي ستحصل عليها المرأة”.

التطوير والتدريب

من بين الحقوق التي يجب على المرأة معرفتها هي حق التدريب والتطوير في بيئة العمل، وهنا تشير خولة إلى أهمية إكساب المرأة لمهارات جديدة تساعدها على التطوير في عملها وتحقق أهداف المؤسسة التي رسمتها في استراتيجيتها وتقول:” كعاملة تعملين في مهنة منسقة إدارية لابد لكِ أن تعرفي مسارك المهني بعد عدة سنوات وإلى أين ستصلين ومعرفة الحوافز المقدمة لكِ”.

اسألي عن حقك!

وتختم خولة قولها:” لابد للمرأة أن تسأل عن حقها وأن تطلع على قانون العمل حتى تعزز من ثقافتها القانونية، وتعرف ما لها وما عليها وتقرأ عن حقوقها التي أقرتها القوانين والتشريعات لها كلاً على حسب الاختصاصات والقطاعات”.

ورغم أن القوانين والتشريعات تنصب في مصلحة المرأة العاملة، إلا أن هناك مطالبات بتحسين بعض الامتيازات المتاحة لها من بينها..

إجازة مرافق المريض

آسيا بن أحمد الحارثية- رئيسة لجنة المرأة لنقابة عمال شركة الطيران العُماني- تتحدث بقولها: ” هناك تحديات تواجهها المرأة العاملة في القطاع الخاص من بينها عدم وجود إجازة مرافق مريض، وهنا تضطر المرأة في أن تأخذ اجازة طارئة خاصة إذا كان الأمر يتعلق بأبنائها، فنطالب بوجود نص واضح وصريح فيما يخص إجازة مرافق المريض”.

وتتحدث بقولها:” أنه في بعض المؤسسات لا توجد ميزات مخصصة للمرأة فنتمنى أن نحصل على ميزات خاصة للمرأة العاملة”.

التقييم السنوي

وتوضح أهمية وجود تقييم سنوي في المنشآت بقولها:” إن التقييم السنوي أمر مهم جداً لأنه يساعد المؤسسة على التحقق من مدىإنتاجية وفاعلية الموظفين، ومعرفة المهارات التي يحتاجها لإتمام عملهم وكذلك الدورات التدريبية وفي ذات الوقت يعتبر وسيلة من وسائل تحفيز المرأة العاملة”.

العلاوة الدورية

وتتحدث عن العلاوة الدورية قائلةً:” معظم المؤسسات تنظر إلى أن العلاوة الدورية يجب أن ترتبط بأداء الموظف مثل كافة دول العالم، ولكن من الضروري جداً أن ننظر إلى طبيعة مجتمعنا وبيئتنا وظروفنا المحيطة، قبل أن نطبق نظاماً مثل هذا، فبالطبع أن المرأة العاملة تستحق العلاوة وفقاً لإنتاجها وأدائها وعملها إلا أن ذلك يجب أن يُربط بالعلاوات التشجيعية أو المكافآت السنوية وليس بالعلاوة الدورية”.

بعد معاناة .. أفاقت!

كاملة وهي عاملة نظافة في إحدى المدارس في السلطنة تسرد لنا قصتها قائلة:” لم أكن أعرف عن عقد العمل أبداً وقد قمنا بالتوقيع عليه دون قراءته، وعملنا على مدة سنة كاملة لم نعِ ما هي حقوقنا التي أقرها القانون لنا، فقد مضت السنين وقد قرر صاحب العمل الاقتطاع من أجورنا، واتجهنا مباشرة معترضين لما يحصل لنا، وقد خاطبنا الجهات المختصة ولكن دون جدوى”.

وتستكمل:” وعندما اتجهنا للاتحاد تم تنويرنا بببعض البنود التي كنا نجهلها من بينها العلاوة الدورية والاجازات السنوية والاضطرارية والمرضية وكذلك عما إذا كان العقد مؤقتاً أو دائماً وهل تم تسجيلنا في وزارة العمل وبالتالي في الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية، وكذلك الحال عدم السماح للمرأة بحمل الأثقال، وقد كنا سابقاً نحمل الدولاب والطاولات وغيرها، وبعدها قررنا أن نقابل صاحب العمل ونناقشه في هذا الأمر”.

وتختم:” وهنا أوجه رسالتي لكل عامل أن يكون على اطلاع دائم على حقوقه قبل أن يباشر العمل ويوقع عقد العمل، كما أنصحهم في حال مواجهتهم لأي تحدٍ أن يتواصل مع الاتحاد العام للعمال”.

وهنا نرفق نماذج رائعة لنساء عاملات في القطاع الخاص استطعن من خلال النقابة العمالية اكتساب مزايا عدة للنساء العاملات، من بينهن..

شراكة حقيقية لخلق بيئة عمل مناسبة

شعاع بنت سليمان العجمية وهي أمين سر نقابة عمال البنك الوطني العُماني تحدثنا قائلة: “نحن في نقابة البنك الوطني العُماني نعمل يداً بيد مع إدارة البنك لخلق بيئة عمل مناسبة من أجل إعطاء العاملة حقوقها التي أقرتها الأنظمة والقوانين المعمولة في النقابات العمالية، كما أن الإدارة دائماً ما  تستمع لمتطلبات العاملات مباشرة أو عن طريق النقابة، حتى عند وضع أي نظام جديد في مجال إدارة شؤون الموظفين هناك مشاورات دائمة بيننا”.

وتكمل قائلة:” خلال جائحة كوفيد19 لعبت النقابة دوراً كبيراً  في الحفاظ على سلامة العاملات وخاصة ممن لديهن مشاكل صحية، فلله الحمد لم يشهد البنك على أي من الاعتراضات أو المظاهرات العمالية، لأن أنظمة البنك فيها الكثير من الحوافز للعاملات ولا توجد تفرقه بينهم، وأيضا هناك رسم وظيفي للعاملات للارتقاء بهن في مجالات أخرى، حتى في مسألة تأجيل الأقساط للعاملات والعمال كان البنك الوطني العُماني من أوائل البنوك المبادرة لتأجيل قروض العاملين  المتضررين منهم وأيضاً من لديهم شركات خاصة”.

وتختم:” هي شراكة حقيقية من أجل خلق بيئة عمل مناسبة، ساعدتنا نحن كنقابة للوصول إلى مستوى جيد من الإنتاجية والدعم الذي نحصل عليه والمصداقية التي نجدها لدى إدارة البنك في اتجاه عمل النقابة العمالية”.

إنجازات النقابات العمالية المنصبة في صالح المرأة

فاطمة بنت عبدالله البلوشية رئيسة نقابة عمال الشركة العُمانية الحديثة للتموين تتحدث عن أهم الانجازات التي حققتها النقابة لصالح المرأة وهي كالآتي:

  • توفير التأمين الصحي للعاملات والعمال.
  • صرف مكافأة سنوية
  • التعديل في نظام المناوبات
  • عدم السماح للعاملات برفع المعدات الثقيلة التي تتعدى 5 كيلو وتركها لعمال التحميل والتفريغ.
  • السماح للعاملات للاستئذان للمواعيد الطبية والرجوع للعمل قبل الساعة 10 صباحاً.
  • مراعاة التأخير في الصباح للساعة الثامنة والنصف.
  • اعتبار إجازة الحجر المنزلي إجازة استثنائية لا تؤخذ من رصيد العاملات.
  • الاتفاق على توفير ساعتين للرضاعة.
  • فتح باب الحوار للعاملات مع الاحترام المتبادل بين الطرفين.
  • تخفيف أبعض أعباء العمل عن العاملات.
  • الاحتفال بيوم الأم ويوم المرأة وتوفير ميزانية للعاملات وإيجاد المكان المناسب للاحتفال.
  • اعطاء العاملات دورات تدريبية وتثقيفية تجنباً للأخطار المتوقعة في بيئة العمل.

اجازة رسمية للمرأة في يومها

مريم بنت حمدان البلوشية – أمين الصندوق بنقابة عمال مجمع أل تي للتركيبات الصناعية ورئيسة لجنة المرأة بالشركة- تحدثنا عن أهم إنجازات نقابتهم العمالية المنصبة في مصلحة المرأة بقولها:

  • منح إجازة مدة يوم بمناسبة يوم المرأة العُمانية لجميع العاملات بالشركة.
  • منح ساعة رضاعة يومياً لمدة شهر كامل فور انتهاء إجازة الوضع للعاملة مباشرة.
  • منح إجازة خاصة وبراتب كامل لأي موظفة في حالة الإجهاض على حسب مدة الإجازة التي يقررها الطبيب الخاص بها، وستحتسب إجازة خاصة بدل أن تكون إجازة مرضية.

ومن أهم انجازات النقابة في 2020م:

  •  تقليل ساعات العمل بالمؤسسة من 9 ساعات إلى 7 ساعات تم تطبيقه من شهر يناير/2020.

ما هي أهمية تشكيل نقابة عمالية للمرأة العاملة في القطاع الخاص


رحمة بنت جميل الزعابية
– رئيسة نقابة عمال مؤسسة الانصاري التجارية- تقول في هذا الجانب:” مما لا شك فيه أن المرأة العُمانية قد تطورت فكرياً ومواكبة للمتغيرات المطردة بشكل ملحوظ، وذلك من خلال تواجدها في جميع مجالات العمل وقد سجلت حضوراً في جميع القطاعات، وإن التمكين الذي نالته المرأة العُمانية من قبل الحكومة الرشيدة ساعدها على إظهار قدراتها وقهر التحديات التي تواجهها بعمل دؤوب ومتواصل متسلحة بشعار الرقي بمكانة السلطنة عالياً، ورفع شأن المرأة العُمانية وأن تجد لنفسها موطئ قدم للمشاركة الفعالة في بناء الوطن. ولا ريب إن انخراطها في ميادين العمل بكافة القطاعات ما هو إلا نتاج انتهازها  لجميع الفرص التي أُتيحت لها بجدارة وفعالية مستخدمة الوسائل العلمية والتكنولوجية الحديثة التي تعينها على تقديم أعلى مستويات الأداء”.

وتكمل الزعابية:” ومن هنا كان لابد من وجود حماية لحقوق المرأة العاملة ودعم مسيرتها، وقد تكاتفت كل الجهود في سبيل ذلك لحفظ حقوق المرأة بشكل عام وذلك من خلال إبرام اتفاقية عمل تدعم المساواة بين الرجل والمرأة في كافة المجالات”.


وتضيف رحمة:” وعطفاً على ما سبق فكلنا نعلم مدى الدور الذي تلعبه النقابات في الدفاع عن حقوق العمال على حد سواء، وهنا يبرز الدور الكبير للنقابات في دعم المرأة والاهتمام بتحسين ظروف وشروط عمل المرأة وكذلك الدفاع عن حقوقها انطلاقاً من مبدأ المساواة وتحقيق العدالة الاجتماعية؛ والعمل على تمكين المرأة ويكون لها الدور في الوظائف القيادية في القطاع الخاص. فالمرأة العُمانية وصلت إلى أعلى المناصب في القطاع الخاص الأمر الذي يتطلب من المنظمات النقابية العمل على توسيع قاعدة انتماء المرأة لعضوية النقابات ومنحها الثقة لإثبات ذاتها وتقلدها مراكز قيادية في إطار عمل نقابي ممنهج لتأخذ دورها جنباً إلى جنب مع الرجل، وعدم تهميش دورها والتقليل من شأنها ومنع التعذر بعدم قدرتها على منافسة الرجل، ففي الآونة الأخيرة أصبحت المرأة رئيسة نقابة عمالية ورئيسة اتحاد قطاعي، وقد شغلت منصب عضو في مجلس إدارة الاتحاد العام، وعلى النقابات أيضاً الاهتمام بتدريب المرأة وتطوير قدراتها ومهاراتها المهنية وحثها على الاهتمام ببناء قدراتها القيادية في القطاع الخاص وتعميق وعيها بأهمية انخراطها في التنظيمات النقابية ومعرفة حقوقها العمالية لتتمكن من الدفاع عن حقوقها بنفسها”.

المرأة العاملة والمشرع العُماني

أن يكون العامل ملماً بحقوقه وعلى دراية بها هي من أساسيات العمل حتى لا يقع بعد ذلك  في تخبطات لا حصر لها أياً كان جنسهُ سواء أكان ذكراً أم أنثى، كما يجب أن يعي ماهي التزاماته اتجاه رب العمل ،وعليه كرّم الدين الإسلامي المرأة شأنها شأن الرجل، وقد أعطاها حقوقها الكاملة، فالمرأة ليست كائناً مهمشاً بل كائناً له كيان مستقل وجزء من المجتمع فهي الأم والأخت والصديقة وهي عون الرجل دائماً و ابداً، وعليه حظيت المرأة العاملة باهتمام بالغ من قبل الشراح القانونين والفقهاء ومنهم المشرع العُماني الذي ميّزها في نصوص قانون العمل، وذلك لأهميتها في المجتمع ودورها البالغ في دفع عجلة التنمية، واهتمام المشرع بالمرأة العاملة لم يتأتى من فراغ بل جاء تحقيقاً لذاتها حتى وإن  كانت ربة منزل، فالمرأة تمتلك القوة والطاقة للتعامل مع مختلف التحديات والصعوبات كذلك،

وعليه لابد للمرأة العاملة أن تعي هي الأخرى ما عليها من حقوق والتزامات قانونية في بيئة العمل حتى لا تُستغل من قبل رب العمل ومكان العمل، وهُنا الاستغلال الذي نعنيه تماماً هو الاستغلال الوظيفي كأن تعمل فوق ساعات العمل المقررة قانوناً أو لا تعي ماهي الإجازات المستحقة لها أو تعمل في فترات من غير المسموح العمل فيها حسب قانون العمل، وعليه من الضروري جداً قبل أن تتجه المرأة إلى حياة العمل، أن تكون على اطلاع ودراية بقانون العمل مُلمة بحقوقها وكذلك التزاماتها تجاه بيئة العمل الحاضنة لفكرها وإبداعها.

ولا يفرق قانون العمل بين المرأة و الرجل إلا في حالات محددة حددها ذات القانون السابق وعليه طبقاً للمادة 80 من قانون العمل العُماني (مع عدم الإخلال بالأحكام المنصوص عليها في هذا الفصل تسرى على النساء العاملات جميع النصوص المنظمة لتشغيل العمال دون تمييز في العمل الواحد بينهم )، وعليه تتقدم المرأة العاملة حالها كحال الجنس الآخر للعمل وتخضع للاختبار لمدة لا تتجاوز الثلاثة أشهر عملاً بنص المادة 24 من قانون العمل العُماني، لمن يتقاضى أجره شهرياً ولمدة لا تزيد عن شهر لمن يتقاضى أجره بغير ذلك، في حين جاء المشرع الإماراتي وخالف المشرع العُماني في مدة الاختبار وحددها بستة أشهر على غرار المشرع العراقي الذي اتفق مع المشرع العُماني، مدة الاختبار نراها ضرورية حتى يتبين صاحب العمل حول صلاحية العامل/ة من عدمه للعمل  المسند إليهم، وإضافة لما سبق ذكره  فإنه لا يجوز لصاحب العمل أن يجعل العامل تحت الاختبار أكثر من مرة، وهذا الأمر جاء حماية للعامل ذاته للجنسين على حدٍ سواء كون أن مدة الاختبار هي مدة قلقة بالنسبة للعامل ذاته هل سيُقبل لإكمال العمل أم لا..

دائما ما نتغنى بالمساواة بين المرأة و الرجل ولكن المساواة في العمل وتحديداً بين نصوص قانون العمل لا تعني أن يحمل الجنسان نفس الأعباء، وذلك لأنه طبيعة المرأة الجسمانية والنفسية والروحية تختلف تماماً عن طبيعة الرجل، فالمرأة لا ينظر لها قانون العمل  لطبيعتها الجسمانية فحسب بل ينظر لها نظرة خاصة متمثلة في كونها ربة منزل و أم وعليه إعمالاً لنصوص المادتين 81و82 من قانون العمل المرأة العاملة لا يجوز تشغيلها في الفترة بين الساعة التاسع مساءً والسادسة صباحاً كما لا يجوز تشغيل المرأة العاملة في الأعمال الشاقة و الضارة بها صحياً إلا في حالات و أحوال معينة يصدر فيها قرار من الوزير .

وفيما يتعلق بإجازات المرأة العاملة المشرع لا يفرق بينها وبين الرجل العامل إلا أنه ميزها عنه بإجازة الوضع لمدة 50 يوماً لتغطية فترة ما قبل وبعد الولادة ولمدة ثلاث مرات طوال مدة عملها لدى صاحب العمل إعمالاً لنص المادة 83 من قانون العمل العُماني،  كما أن المشرع حظر على صاحب العمل فصل المرأة العاملة لتغيبها إذا ثبت بشهادة طبية أن سبب التغيب نتيجة للحمل أو الوضع وأنه من الممكن لها العودة لعملها ولكن بشرط ألا تتجاوز في مجموعها الكلي ستة أشهر .

وحفاظاً على حقوق المرأة العاملة وحتى يُلفت المشرع اهتمامها بأهمية اطلاعها على حقوقها فقد شرع بالمادة 85 من قانون العمل العُماني أنه وفي حالة تشغيل عاملة أو أكثر يضع صاحب العمل في مكان العمل نسخة من نظام تشغيل النساء، وذلك لاهتمام المشرع بصفة عامة بالعامل وبصفة خاصة بالمرأة العاملة.

المرأة اليوم هي نصف المجتمع هي بجانب الرجل معاً أساساً لدفع عجل التنمية باتحاد قوتهما تتطور الحضارات والأمم والدول والمرأة العربية بشكل عام والعُمانية بشكل خاص أثبتت جدارتها وإنجازاتها تشهد لها .

الاتحاد قوة

بعدما أسست نقابتها العمالية ورغم مؤهلها الدراسي ما دون الثانوية، أثبتت أم سالم اليوم وجودها وذاتها بأن المرأة قادرة على صنع التغيير وخلق بيئة عمل آمنة لها ولزميلاتها بغض النظر عن مؤهلاتها العلمية، وها هي اليوم تنظر لزميلاتها العاملات نظرة رضى وسط فرحة تغمر قلبها مستذكرة شريط رحلة الكفاح تلك حتى وصلت بهن إلى بر الأمان، وقد قررت اليوم أن تُقبل على التقاعد الطبي، رغم إلحاح زميلاتها العاملات بعدم مفارقتهن، فقد كانت الشعلة التي تضيء دربهن دوماً وظلت تردد (الاتحاد قوة).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى