حوار عمل

 تسعى ريادة إلى تهيئة بيئة أعمال أكثر تمكينا وتحفيزا، مستجيبة لطموحات الشباب وتطلعاتهم

سعادة حليمة بنت راشد الزرعية، رئيسة هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (ريادة)

تساهم هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (ريادة) بشكل محوري في توعية رواد الأعمال بالإطار القانوني لمشاريعهم، لاسيما قوانين العمل والحماية الاجتماعية؛ وذلك من خلال تنظيم حلقات عمل تعريفية وتوعوية لرواد الأعمال من أجل رفع ثقافتهم بأهم الإجراءات التي تُسهل وتعزز بيئة الأعمال وتدعم استمراريّتها، بجانب الجلسات الحوارية -بالتعاون مع شركاء المنظومة- حيث تجمع بين رواد الأعمال وأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ورؤساء الوحدات الحكومية المعنية بمختلف القطاعات الاقتصادية، وتهدف هذه اللقاءات إلى فتح قنوات حوار بناء بين القطاعين العام والخاص، وتسليط الضوء على التحديات التي تواجه رواد الأعمال في القطاعات المستهدفة، واستكشاف الفرص الممكنة لدعم نمو هذا القطاع الحيوي وتعزيز مساهمته في الاقتصاد الوطني، كما تساهم الهيئة في تبسيط المعرفة من خلال محتوى رقمي توعوي ينشر عبر المنصات الاجتماعية بهدف تعزيز الكفاءة التشغيلية وتشجيع الشراكات وتحقيق التكامل بين مؤسسات المنظومة، ما يمكن رواد الأعمال من فهم حقوقهم وواجباتهم وتعزيز استدامة مشاريعهم ضمن بيئة قانونية وصحية.

تشكل التوجهات الحكومية الحالية بيئة محفزة للنمو والابتكار، من خلال توفير تسهيلات تمويلية وإطلاق حزم من المبادرات والخدمات وبرامج التحفيز، إلى جانب التعديلات التشريعية الداعمة، وقد ساهم هذا النهج المتكامل في تسريع وتيرة تحسين بيئة الأعمال للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتعزيز قدرتها على توليد فرص العمل والمساهمة في تنويع الاقتصاد الوطني.

تسعى الهيئة إلى تحقيق مبدأ الشمول والتمكين لجميع الفئات المستهدفة؛ إذ نعمل على توفير برامج مخصصة في نشر ثقافة ريادة الأعمال والاستثمار والاستشارات والتدريب والتوجيه والتمويل وتقديم مراكز ريادة الأعمال ومسرعات أعمال، كما تسعى الهيئة لتوفير فرص أعمال وتصعيد المؤسسات بتقديم حوافز ومزايا ومنح مالية وغيرها من المبادرات التي أدعو الجميع للاطلاع عليها من خلال موقعنا الإلكتروني وحسابات ريادة في منصات التواصل الاجتماعي؛ لذلك نحرص على صياغة خطط لبرامج ومبادرات تستهدف فئات متنوعة من الباحثين عن العمل وأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمؤسسات الحرفية والحرفيين والشركات الناشئة وأصحاب الأفكار الابتكارية، ووصولا إلى طلبة المدارس والكليات والجامعات، وأيضا رواد الأعمال من ذوي الإعاقة في مختلف محافظات سلطنة عمان، لضمان وصول الخدمات حسب الاحتياجات.

وانطلاقا من حرصنا في هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (ريادة) على متابعة أداء القطاع بصورة منتظمة، وقياس أثر المبادرات المنفذة بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة وبناء بيئة أعمال محفزة، تمكّن المؤسسات من التوسع والاستدامة محليا ودوليا، نود إبراز مؤشرات أداء القطاع حتى نهاية يونيو 2025؛ إذ بلغ إجمالي عدد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المسجلة في سجل الهيئة 152,860 مؤسسة، منها 133,516 مؤسسة صغرى، و18,293مؤسسة صغيرة وأكثر من 1,000 مؤسسة متوسطة، كما بلغ عدد المؤسسات الحاصلة على بطاقة ريادة الأعمال خلال النصف الأول من عام 2025 حوالي 27,052 بطاقة نشطة، لتمثل عدد القوى العاملة العمانية في هذه المؤسسات ما يقارب 79,647 موظفا.

تعمل الهيئة على مواكبة التحولات في السوقين الوطني والإقليمي من خلال التركيز على القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، مثل التقنية والابتكار والسياحة والزراعة الحديثة والصناعات التحويلية والإبداعية، وفي هذا السياق تمثل المدن الصناعية بيئة مثالية لتمكين الشباب من تطوير مشاريعهم والاستفادة من خبرات المؤسسات الكبرى، وتعمل الهيئة بالشراكة مع شركاء المنظومة على دعم ريادة الأعمال في القطاع الصناعي؛ إذ تشكل مبادرات القيمة المحلية المضافة عاملا مهما، يساهم في تمكين ريادة الأعمال في قطاع الصناعة عبر إنشاء مجمعات متخصصة، تضم مصانع نموذجية جاهزة في المدن الصناعية، مما يعزز فرص دخول المؤسسات الصغيرة والمتوسطة إلى هذا القطاع الحيوي.

كما أطلقت الهيئة عددا من المبادرات والبرامج الإستراتيجية، منها تأسيس برنامج خاص لدعم الشركات الناشئة الواعدة، إلى جانب تخصيص 10% من رأسمال صندوق (عُمان المستقبل) لتمويل رواد الأعمال، وحرصت الهيئة أيضا على زيادة حصة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من الإنفاق الحكومي وتعزيز الاستفادة من المحتوى المحلي، وفي إطار التوجه نحو اللامركزية تم توسيع نطاق التمويل وتأسيس مراكز ريادة أعمال ومسرعات أعمال في مختلف المحافظات، مع ربط التمويل بالمزايا التنافسية لكل محافظة؛ مما ساهم في دفع عجلة تأسيس المشاريع الجديدة في مختلف أنحاء سلطنة عمان.

هذا التنوع في المبادرات شمل أيضا التوسع في أدوات التمويل، كالتمويل عبر بنك التنمية وبرامج الجهات المعنية بريادة الأعمال وبرنامج (تصعيد المؤسسات)، الذي يهدف إلى رفع تصنيف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ودعم توسعها محليا ودوليا، كما تم إطلاق برامج، مثل (الشركات الناشئة الواعدة) و(بطاقة ريادة) للمؤسسات القائمة على التقنية والابتكار، إلى جانب تقديم منح مالية وتسهيلات متعددة، فضلا عن منصة (التمويل والاستثمار التعريفية)، التي تتيح لرواد الأعمال الوصول إلى مصادر التمويل بسهولة، وقد ساهمت هذه الجهود في تعزيز ثقافة ريادة الأعمال وزيادة إقبال الشباب على تأسيس مشاريعهم وتحقيق أثر ملموس في تحسين بيئة الأعمال ودعم التنويع الاقتصادي.

يعد القطاع الخاص شريكا أساسيا في دعم منظومة ريادة الأعمال؛ إذ تعمل الهيئة على تعزيز هذا التعاون من خلال عدة مسارات، كمبادرات القيمة المحلية المضافة التي تفتح المجال أمام المؤسسات الصغيرة والمتوسطة للاستفادة من فرص التوريد والخدمات ضمن المشاريع الكبرى، وتوسيع نطاق الشراكات من خلال توقيع اتفاقيات تعاون مع الشركات التابعة لجهاز الاستثمار العماني، إلى جانب مؤسسات القطاع الخاص الكبرى؛ بهدف تمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة المبنية على الابتكار والتقنية من الوصول إلى فرص التشغيل والتوسع، فضلا عن ذلك، تقدم الهيئة حوافز للمؤسسات التي تساهم في احتضان رواد الأعمال وتدريبهم بما يساهم في بناء شبكة داعمة تُمكّن من تحقيق نمو مشترك ومستدام بين مختلف أطراف المنظومة.

رسالتي للشباب العماني أن يثقوا بقدرتهم على صناعة التغيير، وأن ينظروا لريادة الأعمال باعتبارها أحد المسارات الواعدة للمساهمة في تنمية الوطن، ونحن اليوم أمام منظومة دعم وطنية متكاملة تقدم أدوات وتمكينا حقيقيا للشباب، سواء عبر برامج التدريب أو الوصول إلى التمويل أو الحوافز والتسهيلات المقدمة، وما نحتاجه فعليا هو وعي الشباب بأهمية دورهم في هذه المنظومة من خلال الالتزام والتخطيط الجاد والاستمرارية في تطوير الذات والمشروع.

وأدعوهم إلى أن يكونوا جزءا فاعلا من الاقتصاد الوطني، لا مجرد مستفيدين من المبادرات، بل مساهمين في تشكيلها وتطويرها، والطريق قد لا يكون سهلًا، لكن بالإصرار والتعلم المستمر يمكن لأي مشروع صغير أن يصبح قصة نجاح مؤثرة وملهمة.

ونحن في ريادة موجودون لدعم هذه الرحلة، ونعمل باستمرار على تهيئة بيئة أعمال أكثر تمكينا وتحفيزا، تستجيب لطموحات الشباب وتواكب تطلعاتهم والانطلاق بثقة نحو مستقبل أفضل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى