لا للحد الأدنى للأجور
حمد بن سعيد الصواعي، كاتب إعلامي
رفع العديد من المواطنين من جميع محافظات السلطنة أصواتهم مطالبين بشدة بتعديل قرار الحد الأدنى للأجور، المجحف من وجهة نظرهم، والذي شكل بشكل أو بآخر عبئا إضافيا وهما مزعجا للعاملين بالقطاع الخاص في الحد من المساهمة في تحقيق منظومة الحماية الاجتماعية للعاملين بالقطاع الخاص في تقليص حدة التفاوت في الأجور بين كافة شرائح المجتمع وخاصة العاملين في القطاع الخاص المطبق عليهم قرار الحد الأدنى للأجور في ظل حياة معيشية صعبة للغاية، بدون مراعاة مؤهلاتهم العلمية وسنوات الكفاح والنضال والجد في طلب العلم والمعرفة؛ مما ترك علامات استفهام وتعجب كثيرة من كافة شرائح المجتمع، ولا سيما في ظل رؤية عُمان 2040 التي تشجع على التسلح بالعلم والمعرفة، والإبداع الفكري، وتطوير المهارات.
لقد كان لقرار الحد الأدنى للأجور تداعيات أخرى زادت من حجم معاناة شريحة كبيرة من العاملين في القطاع الخاص، أبرزها مع الأسف استخدام بعض منشآت القطاع الخاص هذا القرار ذريعة في التقليل من أجور العاملين بها، وعصا تهديد لإبقائهم على رؤوس عملهم مقابل أجور زهيدة؛ في ظل تزايد تكاليف المعيشة على عاتق شريحة كبيرة من المجتمع التي أضحت بالكاد توفي بحاجاتها المعيشية الأساسية؛ الأمر الذي فاقم حالة معاناتهم الاجتماعية والصحية سواء.
وفي ظل هذا النزيف الحاد المتمثل في شتى تكاليف الحياة المعيشية الصعبة، وما تفرضه من المسوغات المنطقية والضرورات الإنسانية والدوافع الحقيقية لرفع الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص بما يتناسب مع المؤهلات العلمية والخبرات العملية، وكذلك بما يتناسب مع متطلبات الحياة المعيشية المختلفة، والتي ازدادت سوءا في الفترة الأخيرة بفرض الضرائب والرسوم المختلفة، ورفع الدعم عن الوقود، وخدمتي الماء والكهرباء محليا؛ والانخفاض المستمر لأسعار الوقود، وأزمة الغذاء عالميا؛ مما تولد من ذلك ظاهرة التضخم الحاد في الأسعار والخدمات لتكون الحياة المعيشية بين مطرقة الغلاء الفاحش للخدمات الأساسية وسندان الأجر المتدني الذي لا يكفي لسد الحاجات والمصروفات اليومية للعاملين بالقطاع الخاص، مما يؤثر حتمًا على إنتاجيتهم، وإقبالهم على العمل، والتضحية من أجله؛ الأمر الذي يعني فقدان الأسباب اللازمة لتحفيز عمال القطاع الخاص للرقي بمنظومة العمل المتكاملة القائمة على الثقة المتبادلة بين كافة الأطرف في معادلة العمل.
إن كل هذه المعطيات المحلية والعالمية تدفع بنا لمناشدة الحكومة ممثلة في جهاتها المعنية، لوضع برنامج متكامل للنظر في رفع الحد الأنى للأجور في القطاع الخاص من خلال عمل دراسات بحثية تأخذ الواقع المعيشي بمختلف معطياته بعين الاعتبار، ساعين من خلال ذلك كله إلى تحقيق معادلة العرض والطلب في الأسواق من خلال خلق حالة من التوازن الاقتصادي والاجتماعي بين مصدر دخل المواطن ومختلف تكاليف الحياة المعيشية الراهنة.