أهمية مشاركة المنظمات العمالية في تطوير سوق العمل في ظل الثورة الصناعية الرابعة

نبهان بن أحمد البطاشي، رئيس مجلة إدارة الاتحاد العام لعمال سلطنة عُمان
شهد العالم عدة ثورات صناعية ألقت بنتائجها الإيجابية والسلبية على معظم دول العالم بفضل العولمة التي ساهمت في انتقال تلك النتائج عبر الدول والقارات لتضيف تغيرات كبيرة في أسواق العمل؛ إذ تتطلب مزيدًا من التكامل والتنسيق بين الجهات المنظمة بغية الاستفادة من نتائجها وتلافي أية تحديات ونتائج سلبية تؤثر على بيئة العمل والعاملين.
وتأتي الثورة الصناعية الرابعة لتعطي طابعا جديدا للاقتصاد العالمي يتمثل في الاستعانة بالميكنة والآلات والرقمنة وإحلالها بديل اليد العاملة البشرية في بعض المهن والاعتماد بشكل أكبر على الذكاء الاصطناعي؛ وذلك باستخدام وتفعيل البرامج والتطبيقات الذكية التي يترتب عليها نتائج إيجابية في مجال سرعة الإنجاز واستحداث وظائف حديثة مرتبطة بالبيانات والتكنولوجيا الرقمية، أما نتائجها السلبية فهي متعددة وتتطلب إدارة سليمة للتقليل من تأثيراتها على كافة نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية بما في ذلك التأثيرات المباشرة على أسواق العمل والعاملين في المهن والوظائف التي قد يتم الاستغناء عن تشغيل البشر بها وإحلالها بالآلات؛ الأمر الذي يترتب عليه محدودية فرص العمل وتزايد معدلات الباحثين عن العمل وفقدان بعض العمال لوظائفهم.
إن التغير التكنولوجي لا يؤثر على كمية الوظائف فحسب بل على طبيعتها ونوعيتها أيضا، ويستقطب نوعية محددة من الوظائف التي ترتبط بشكل تام بالتكنولوجيا الرقمية، وهو ما سيؤثر على الوظائف الدنيا والمتوسطة بشكل سلبي؛ الأمر الذي يتطلب تفعيل دور المنظمات العمالية وإشراكها للمساهمة بفاعلية في الإدارة السليمة والمساهمة في رسم السياسات للتغيرات والحد من الآثار المحتملة، والتي تتبلور في جوانب عدة منها فقد الكثير من الوظائف القائمة حاليا، مثل الوظائف المتوسطة والتي يغلب عليها طابع التكرار والروتين وتفتقر إلى الثقافة الرقمية.
كما أن طبيعة الوظائف الجديدة المرتبطة بالثورة الصناعية الرابعة وما يرافقها من تعقيدات وزيادة التعامل مع الآلات بدلا من البشر قد يترتب عليها ظهور أمراض مهنية جديدة؛ وبالتالي ينبغي تطوير التشريعات والقرارات واللوائح المتعلقة بأنظمة تدابير السلامة والصحة المهنية لتحسين برامج التوعية بالتعاون مع المنظمات العمالية؛ من أجل مراقبة التزام المؤسسات بتطبيق معايير السلامة والصحة المهنية.
إضافة لذلك، فإن التطور في احتياجات سوق العمل والقفزة التقنية في الوظائف التي تتطلب مهارات ومعارف جديدة تتناسب مع الثورة الصناعية يجب أن ترافقه تحسينات على الأنظمة التعليمية لكي تواكب المتطلبات المتوقعة للوظائف الجديدة، إضافة لتدريب الكفاءات البشرية الحالية على تلك المهارات التي تتماشى مع التطور المتسارع في عالم التكنولوجيا وتخصيص حاضنات للتأهيل وبرامج للتدريب وورش ودورات تدريبية واسعة للوظائف التي ستتأثر بأتمتة الصناعة.
إننا نؤمن بأن الثورة الصناعية الرابعة هي فرصة للارتقاء ببيئات العمل وتحسين حياة الإنسان إذا ما تمت إدارتها بطريقة تشاركية صحيحة؛ وذلك من خلال عدة جوانب، منها إشراك المنظمات العمالية في اللجان ومجالس الإدارة المعنية بمؤسسات القطاع الخاص للمساهمة في إعداد قوى عاملة قادرة على مواكبة التغيرات والتطورات المستقبلية والحد من الصعوبات والتحديات التي تواجه أتمتة الصناعة في ظل الثورة الصناعية الرابعة.